إلى حلب ودمشق والقاهرة، استقام له المحور القوى، فنهد للقاء الصليبيين ونصره الله في حطين. وهذا درس في الوحدة مطلوب إلى المسلمين أن يتدارسوه.
* * * والمجتمع الإسلامي ينماز من المجتمعات المعاصرة بأنه مجتمع ديني الأساس بأطوار تاريخه وطبيعته، وبأن تعاليم القرآن والسنة هي غذاؤه اليومي، وهواؤه النقي، الذي يتنفسه المسلمون:
العائلة فيه محكومة بقوانين دينية وتقاليد إسلامية، في الزواج والطلاق والأبوة والبنوة والنفقة والحضانة وسائر علاقات الأسرة.
والفرد فيه واقف بين يدي الله على مدار ساعات النهار وزلفا من الليل.
والمجتمع كله مفروض عليه، فرض وجوب، والفرد مفروض عليه، فرض كفاية، أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. أي يتكافل في دفع كل خروج على الدين.
بهذا صار الحفاظ على الإسلام وقيمة مسؤولية قانونية وعامة. أصبح التمييز بين الحلال والحرام حجر الأساس في المجتمع، وفي علاقات الأفراد والأسرة.
وأمس لزاما على كل دولة إسلامية أن تتآخى أواخي الدين، وهي تنظر إلى المصالح المادية والسياسية، لها، والناس.
ولقد بقى الأمر كذلك طوال القرون العشرة التي كانت فيها الدول الإسلامية مستقلة، تتعلم علومها الحضارة الغربية، حتى إذا اضمحلت، ران الظلام السياسي والركود الاقتصادي على القلوب. فانتقلت شمس الحضارة من الشرق إلى الغرب في أوربة، وبدأت العصور الحديثة وحضارتها الأوربية في الظهور، منذ ختام القرن الخامس عشر للميلاد.
ولم يكن مصادفة وإنما كان لزاما للتحلل والتقاطع والتخاذل، أن يبدأ طرد العرب - في ذلك القرن - من إسبانيا. وأن تكون محاولات طردهم معاصرة للثورات الدينية في المسيحية، وللإرهاب الديني في دولها، وأن يكون نصيب المسلمين من هذا الإرهاب فوق ما يتصور البشر، من العذاب والتقتيل والتحريق والتنصير، بل قتل من يتنصر بدعوى عدم الإخلاص في التنصر!!