الإمام جعفر الصادق (ع) - عبد الحليم الجندي - الصفحة ٣٥٣
الزاهدان الشهيران: ما بدء أمرك الذي أبلغك هذا؟ قال شقيق:
مررت ببعض الفلوات فرأيت طائرا مكسور الجناحين في فلاة من الأرض. فقلت أنظر من أين يرزق هذا. فقعدت بحذائه: فإذا بطير أقبل وفي منقاره جرادة فوضعها في منقار الطير مكسور الجناحين. فقلت في نفسي: إن الذي قيض هذا لهذا قادر أن يرزقني حيث كنت. فتركت التكسب واشتغلت بالعبادة.
قال إبراهيم: ولم لا تكون أنت الطير الصحيح الذي أطعم الطير العليل حتى تكون أفضل منه؟ أما سمعت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن " اليد العليا خير من اليد السفلى ".
وخرج الإمام الصادق يسعى للرزق في يوم صائف شديد الحر.
فقالوا: يا ابن رسول الله هذه حالك عند الله عز وجل، وقرابتك من رسول الله، وأنت تجهد نفسك في هذا اليوم! فقال لمن حدثه " خرجت في طلب الرزق لأستغني عن مثلك ".
ولما أخبروه يوما عن رجل يقول: لأقعدن ولأصلين ولأعبدن الله قال " هذا أحد الذين لا يستجاب لهم ".
* * * ولا بأس أن يجد العامل في عمله بعض مشقة. فما هي إلا زيادة في الفضيلة فيه أو الهناءة به.
جاءه من يرجوه ليدعو الله ألا يجعل رزقه على أيدي العباد، فأجابه:
(أبى الله عليك ذلك. آلى الله ألا أن يجعل رزق العباد، بعضهم من بعض. ولكن ادع الله أن يجعل رزقك على أيدي خيار خلقه. فإنه من السعادة. ولا يجعله على أيدي شرار خلقه. فإنه من الشقاوة).
والصادق بهذا التنبيه يلفت النظر إلى أن التعامل يقتضى وجود طرفين، والسعيد من صلح طرفه الآخر. وهو فوق ذلك يكمل نقصا لدى كثير من الصالحين الذين يفوتهم أن خوض الغمرات للرزق، مع النجاة من ارتكاب الإثم في تحصيله، درجة أعلى في الفضل - بل هو يبصرهم بالمكروه الذي يلقاه الناس إذ يبتغون غضارة العيش أو نضارة الحياة.
(٣٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 3
2 الباب الأول ظهور الإسلام 11
3 ظهور الإسلام 13
4 الفصل الأول: أخو النبي صلى الله عليه و سلم 15
5 الفصل الثاني: أبو الشهداء 39
6 ريحانة النبي في كربلاء 51
7 الباب الثاني بين السلطان و الامام 65
8 الفصل الأول: بين السلطان و الامام 69
9 أهل البيت 71
10 بين أبناء على و بنى العباس 78
11 الفصل الثاني: الرجلان 95
12 الباب الثالث امام المسلمين 113
13 الفصل الأول: في المدينة المنورة 117
14 أهل المدينة 127
15 زين العابدين 134
16 الباقر 140
17 الفصل الثاني: امام المسلمين 145
18 مجالس العلم 153
19 التلاميذ الأئمة 158
20 كل العلوم 165
21 مع القرآن 172
22 مع أهل الكوفة و أبي حنيفة 178
23 المذهب الجعفري 185
24 الباب الرابع المدرسة الكبرى 193
25 الفصل الأول: المدرسة الكبرى 197
26 المصحف الخاص أو كتاب الأصول 199
27 مصحف فاطمة 200
28 التدوين 200
29 مشيخة العلماء 210
30 التلاميذ من الشيعة 217
31 الفصل الثاني الدرس الكبير 229
32 السنة 238
33 الإمامة 246
34 أمور خلافية في الفقه 259
35 الباب الخامس المنهج العلمي 275
36 الفصل الأول التجربة و الاستخلاص 279
37 الفصل الثاني في السياسة و الاجتماع 309
38 في الدولة و قواعدها 312
39 المجتمع الجعفري 325
40 في المجتمع و دعائمه 331
41 الاخوة 334
42 المرأة 338
43 العلم 339
44 الدعاء 341
45 الفصل الثالث المنهج الاقتصادي 343
46 العمل 347
47 المضطرب بما له و المترفق بيده 349
48 المال 357
49 العبادة و النفاق المال 358
50 كنز المال 364
51 الباب السادس في الرفيق الاعلى 367
52 عدالة السماء 375