ولما فصل المكرمات المطلوبة من الناس قال (المكارم عشر: صدق الناس، وصدق اللسان، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وقرى الضيف وإطعام السائل، والمكافأة على الصنائع، والتذمم للجار، والتذمم للصاحب.
ورأسهن الحياء).
فهو يبدأ بالصدق وأداء الأمانة. ثم يتبعها صلة الرحم ولها عنده أعلى مقام. فيها قيام الأسرة - وهي نواة المجتمع الإسلامي - بتنظيمها القانوني الذي لا ضريب له في أمم غير أمة الإسلام.
يقول: " خمسة لا يعطوا شيئا من الزكاة. الأب والأم والولد والزوجة والمملوك. لأنهم عياله ولازمون له " فالانفاق على هؤلاء فرض. والصدقات مع وجوبها وتعميمها والحث عليها، لا تستحق للناس إلا أن يكتفى ذوو الأرحام. يقول الإمام " لا صدقة وذو رحم محتاج ".
ولو ظن واصل ارحم أنه يضع المعروف في غيره موضعه - وللمعروف دائما موضع - فالإمام يقول له: " لا تقطع رحمك وإن قطعك ".
وقع كلام بينه وبين عبد الله بن الحسن (وربما كان ذلك من جراء يوم الأبواء، وسلف القول فيه) وكان عبد الله أعلى أهل البيت سنا، فأغلظ عبد الله القول. فلم يرد الصادق، ثم افترقا ثم تلاقيا على باب المسجد. فابتدره الصادق يقول " كيف أمسيت يا أبا محمد "؟ (فهو أبو محمد المهدى - النفس الزكية - وإبراهيم والباقين، من بنى عبد الله بن الحسن). وقال عبد الله كالمغضب: بخير.
قال الصادق: يا أبا محمد. أما علمت أن صلة الرحم تخفف الحساب؟
ثم تلا قوله تعالى (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب) فقال عبد الله: فلا تراني بعدها قاطعا رحما.
يقول الصادق إن رجلا أتى النبي فقال: يا رسول الله إني لي أهلا قد كنت أصلهم وهم يؤذونني وقد أردت رفضهم. فقال له رسول الله " إن الله يرفضكم جميعا " قال الرجل كيف أصنع؟ قال " تعطى من حرمك وتصل من قطعك وتعفو عمن ظلمك. فإذا فعلت ذلك كان الله عز وجل لك عليهم ظهيرا ".