الإمام جعفر الصادق (ع) - عبد الحليم الجندي - الصفحة ٢٦٩
والتفسير بالظاهر ممن يفهم البلاغة العربية، ومجاز انها المتعددة، والاستعارة، والإيجاز اللفظي، وهو بعض خصائص الإعجاز البياني في القرآن، لا ينفى استعمال العقل، بل فيه مجال واسع له. ولا ينفى القيمة العظيمة لتفسير الزمخشري المعتزلي، وهو حجة في اللغة، وحجة في الجمع بين الظاهر وبين وجوه " الرأي "، بالمعاني الدقيقة وأسرار البلاغة (1). وممن أثارهم الإعجاب به الإمام يحيى بن حمزة العلوي (749) صاحب كتاب الطراز.
وما من تفسير ثبت عن إمام عن أهل البيت إلا تلقته العقول بالقبول، لأنه لا يغاير النص من القرآن والسنة. وإنما يشرحهما في نورانية باهرة (2)، في حين أن المعتزلة يؤولون ليخضعوا المعنى لأصولهم الخمسة. (3) وهذا خلاف عظيم بين المؤولين وبين الإمام جعفر والشيعة الامامية.

(١) يؤول المعتزلة الألفاظ ليفسروا معاني الآيات طبقا لأصولهم. وعلى ذلك أولوا الآيات التي قد تنم عن التشبيه والجهة والجسمية.
والتفسير بالرأي يقوم على قاعدة كصمام الأمان للذين ينهجونه. فبالكتاب آيات محكمات وأخر متشابهات والمحكمة آيات لا يتمارى في معناها أحد. فإذا وردت آية متشابهة فسرت على أساس الآية المحكمة. مثل قوله تعالى (إلى ربها ناظرة) تفسر على أساس قوله تعالى (لا تدركه الأبصار) فيكون معناها الرضى عنها وتوقع النعمة من الله. ومثل قوله (أمرنا مترفيها ففسقوا فيها) تفسر على أساس قوله (إن الله لا يأمر بالفحشاء). وأكثر المؤولين يلجئون للمجاز. وفي القرآن كثير منه مثل قوله تعالى (يد الله فوق أيديهم) فمعناها القدرة - وهم ككل المفسرين - يبدأون من أن الله تعالى ليس كمثله شئ. أما التفسير بالمأثور فنتصدره مدرسة الإمام الطبري: يجمع الأقوال والآثار ويختار منها.
(2) إليك مثلا تفسير " الإمام العسكري " للحروف المقطعة مثل (ا. ل. م...) في فواتح السور يراها تنبيها على أن هذا الكتاب الذي أنزله الله هو هذه الحروف المقطعة. وأنه بلغتكم وهجائكم فأتوا بمثله ان كنتم صادقين. وما يزال هذا التفسير في طليعة تفسير الحروف المقطعة في أوائل السور.
(3) أصول المعتزلة الخمسة - 1 - التوحيد الذي ينفى عن الذات صفات الأجسام والمكان.
وأهل السنة يرون صفات الله خاصة به وأنه تعالى " كما وصف نفسه ". فليس في ذلك تشبيه لله بخلقه - 2 - العدل وفحواه أن الله لا يأمر إلا بالحسن ولا ينهى إلا عن القبيح وما يفعله الناس عمل من أعمالهم ولذلك يثابون ويعاقبون. وأهل السنة يقولون إن الله خالق العمل والعبد كاسب له 3 - الوعد والوعيد أو الثواب والعقاب ملازمان للفعل وأهل السنة يرون التوبة قد يقبلها الله من مرتكب الكبيرة - 4 - المنزلة بين المنزلتين. فمرتكب الكبيرة لا مؤمن ولا كافر بل فاسق وإن كان عقابه أقل من الكافر - 5 - الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مع اشتدادهم في ذلك عندما كانت السلطة في أيديهم.
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 275 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 3
2 الباب الأول ظهور الإسلام 11
3 ظهور الإسلام 13
4 الفصل الأول: أخو النبي صلى الله عليه و سلم 15
5 الفصل الثاني: أبو الشهداء 39
6 ريحانة النبي في كربلاء 51
7 الباب الثاني بين السلطان و الامام 65
8 الفصل الأول: بين السلطان و الامام 69
9 أهل البيت 71
10 بين أبناء على و بنى العباس 78
11 الفصل الثاني: الرجلان 95
12 الباب الثالث امام المسلمين 113
13 الفصل الأول: في المدينة المنورة 117
14 أهل المدينة 127
15 زين العابدين 134
16 الباقر 140
17 الفصل الثاني: امام المسلمين 145
18 مجالس العلم 153
19 التلاميذ الأئمة 158
20 كل العلوم 165
21 مع القرآن 172
22 مع أهل الكوفة و أبي حنيفة 178
23 المذهب الجعفري 185
24 الباب الرابع المدرسة الكبرى 193
25 الفصل الأول: المدرسة الكبرى 197
26 المصحف الخاص أو كتاب الأصول 199
27 مصحف فاطمة 200
28 التدوين 200
29 مشيخة العلماء 210
30 التلاميذ من الشيعة 217
31 الفصل الثاني الدرس الكبير 229
32 السنة 238
33 الإمامة 246
34 أمور خلافية في الفقه 259
35 الباب الخامس المنهج العلمي 275
36 الفصل الأول التجربة و الاستخلاص 279
37 الفصل الثاني في السياسة و الاجتماع 309
38 في الدولة و قواعدها 312
39 المجتمع الجعفري 325
40 في المجتمع و دعائمه 331
41 الاخوة 334
42 المرأة 338
43 العلم 339
44 الدعاء 341
45 الفصل الثالث المنهج الاقتصادي 343
46 العمل 347
47 المضطرب بما له و المترفق بيده 349
48 المال 357
49 العبادة و النفاق المال 358
50 كنز المال 364
51 الباب السادس في الرفيق الاعلى 367
52 عدالة السماء 375