الدرس الكبير أحدث انقسام الأمة بفعل بنى أمية أثره في الفقه. وليس كلام بعض المسلمين في أفراد من الصحابة إلا أثر من آثار هذا الانقسام. ومن الطبيعي ألا تمتنع الألسنة عما لم تمتنع عنه الأسلحة. وأن تستمر معارك الكلام وإن توقفت رحى الحرب.
شق أهل الشام عصا الطاعة لأمير المؤمنين منذ استخلف. وانتهت يوم " وقعة الجمل " فتنة عمياء فيومئذ قال محمد بن الحنفية وهو يحمل الراية:
هذه والله الفتنة الكاملة العمياء. وناداه أمير المؤمنين (هل عندك في جيش، مقدمه أبوك، شئ!). ونفر البطل للقاء أهل الشام في صفين. ورفع جيش معاوية المصاحف.
ثم كانت خدعة التحكيم وخروج الخوارج وهزيمتهم. ولكنهم ظلوا يمثلون التعصب العميق لفكر لم يتمرس بالسياسة وتبعات القيادة و حقن الدماء.
فلاموا عليا لقبوله التحكيم مع معاوية (1). وعندئذ لم يوالوا عليا ولا من والاه - لكن الدولة لم تؤل إليهم، ولهذا قل أثرهم في الاتجاه العام للأمة.
وإنما الذي أحدث أثره العظيم في الأمة خلاف معاوية. إذ ولى الحكم وألزم ولاته بالطعن في علي. والتنكيل بمن والاه. ونظرت العامة إلى مصلحتها العاجلة في توقى الشرور من السلطة. ونظر المتفقهون - ومعهم جمهور الأمة -