وما هو في سجاياه إلا خليفة " السجاد " يطوف بالبيت فيركع، ويسجد، فإذا مكان سجوده قد بلله الدمع..
يقول عنه الحسن البصري: (ذلك الذي يشبه كلامه كلام الأنبياء).
عايش الباقر أباه زمانا طويلا. ولم يمتحن محنة أبيه في كربلاء، أو محنة أخيه زيد إذ أخرجه أهل الكوفة وخذلوه، ولم تعتور حياته الامتحانات المتعاقبة التي اعتورت حياة ابنه - الإمام الصادق - أو خلافات بنى عمومته - أبناء الحسن - أو الإرهاب الفكري أو الفعلي من الخليفة المنصور. فأتيح للباقر أن يبلور اتجاه أهل البيت - من نسل الحسين - إلى العلم والتعليم، ويبرز فيه العناية بفقه العبادات والمعاملات. وكثر ترديد اسمه مصاحبا لاسم ابنه الإمام الصادق في كتب الفقه الشيعي. وإليه يرجع أصحاب الكلام في العقائد الشيعية، كثير من الفقه المستنبط من القرآن والسنة.
روى عنه جابر الجعفي أكثر من خمسين ألف حديث وروى عنه محمد بن مسلم ثلاثين ألفا. وكان عبد الملك بن مروان يعرف له حقه، وهو في صدر شبابه، في حياة أبيه إليك أمثالا لفكره في السياسة والفقه والتفسير:
- روى الكسائي: دخلت على الرشيد فقال: هل علمت أول من سن الكتابة على الذهب والفضة؟ قلت عبد الملك بن مروان. قال ما السبب؟
قلت لا أعرف:
قال: كانت القراطيس للروم وكان أكثر من بمصر على دينهم.
وكانت تطرز (أبا وابنا وروحا) وتخرج من مصر تدور في الآفاق. فأمر عبد العزيز - وكان عامله على مصر - بإبطال ذلك. وإن تطرز بصورة التوحيد. مشهدا الله ألا إله إلا هو.. فلما وصلت القراطيس إلى ملك الروم كتب إلى عبد الملك إن لم يرد هذا الطراز على ما كان عليه فسينقش على القراطيس شتم النبي. فاستشار عبد الملك، فلم يجد عند أحد رأيا، فاستشار الباقر.