الإسلامية كحجارة الأساس في البنيان: أن كانت منه قواعد الفكر الإسلامي كافة، وكانت الحرية الفكرية لحمته وسداه، والفضيلة الإنسانية مبدأه ومنتهاه. وفيه صلاح الناس، والتخفيف عليهم، وفتح أبواب الرجاء لهم، وتمكينهم من التطور لملاحقة حاجات الأعصر، بأداته " الديناميكية " - المحركة - نحو التقدم، وهي اجتهاد الرأي.
وفي أهل البيت كان النبي مدينة العلم وعلي بابها، وريحانتا الرسول من الدنيا الإمام " الحسن " والإمام " الحسين " يمثلون الجيل الأول.
وفي الجيل الثاني كان السجاد - من كثرة السجود - أو زين العابدين - من كمال عبادته - وابناه الإمام الباقر وزيد. وكان لزيد مذهبه.
أما الجيل الثالث من القرون المفضلة فقد تراءى فيه للمسلمين جعفر ابن محمد، الصادق، بدر تمام، لجيل كان ختام أجيال.
وأما من عدا أهل البيت فقد نهض عنهم الصحابة وأبناؤهم وأحفادهم بعبء العلم نهضة جديرة بدين يجعل طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة. فاشتهرت بينهم أما المؤمنين عائشة وأم سلمة، وزينب بنت أبي سلمة. والعبادلة الأربعة أبناء العباس، وعمر، والزبير وعمرو، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وبنته حفصة وعروة بن الزبير ابن أخت عائشة، وابن أخيها القاسم بن محمد بن أبي بكر، وراويتها عمرة بنت عبد الرحمن، وهؤلاء الثلاثة أعلم الناس بحديث عائشة، وسالم بن عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وأبو بكر بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار، وتعلم عليهم جيل جديد:
فيه محمد بن شهاب الزهري وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، ومحمد بن المنكدر، ومحمد وعبد الله ابنا أبى بكر بن حزم، وربيعة الرأي، وهؤلاء مشيخة مالك بن أنس.
ومالك يعاصر في النصف الثاني من القرن الثاني نهاية الأجيال المفضلة.