فإذا جلس زين العابدين في المسجد جلس بين القبر والمنبر، وانعقدت حلقة كحلقة. أبيه في روضة كرياض الجنة، يقول عنها القائل (إذا دخلت مسجد رسول الله فرأيت حلقة كأن على رؤوسهم الطير فتلك حلقة أبى عبد الله مؤتزرا إلى أنصاف ساقيه). ولقد يتحدث مع سليمان بن يسار (107) مولى أم المؤمنين ميمونة إلى ارتفاع الضحى. فإذا أرادا أن يقوما قرأ عليهما عبد الله بن أبي سلمة سورة، فإذا فرغ عبد الله من التلاوة دعوا الله سبحانه.
ولقد يدخل ابن شهاب الزهري (124) وصحبه فيسأله فيم كنتم؟
فيجيبه أنهم كانوا يتذاكرون الصوم وأنهم لم يروه واجبا إلا في رمضان فيقول السجاد: الصوم على أربعين وجها. ثم يشرحها له وجها وجها. فمنها ما يجب. ومنها ما هو بالخيار أو الإباحة. إلخ.
وفي علمه يقول محمد بن سعد. صاحب الطبقات (كان زين العابدين ثقة مأمونا كثير الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. عالما.
ولم يكن من أهل البيت مثله) ويقول الزهري (ما رأيت أفقه من زين العابدين لولا أنه قليل الحديث).
وهذه الشهادة بالفقه من شيخ مالك بن أنس تعلن رأى جيل التابعين.
بل إن الزهري يعلن مكانة زين العابدين بين كال الأحياء بقوله (ما رأيت قرشيا أفضل منه). قصد إليه يوما، ونفسه تكاد تبسل من ذنب ألم به.
فرده الإمام إلى صميم الإسلام قال (قنوطك من رحمة الله التي وسعت كل شئ أعظم من ذنبك).
والشافعي الذي يقول في ابن شهاب الزهري (لولا الزهري لذهبت السنن من المدينة) يضع زين العابدين في أعلى مكان. فيعده أعلم أهل المدينة.
كان كثير البكاء من يوم كربلاء. فقيل له في ذلك فقال (إن يعقوب عليه السلام بكى حتى ابيضت عيناه من الحزن على يوسف - ولم يتحقق