ثم هو شيخ المدرسة التي نجب فيها محمد بن إدريس الشافعي وتلميذه أحمد بن حنبل.
ولقد طالما زاحم التلاميذ أشياخهم في العلم وإن لم يزاحموهم في مكانتهم عند الله والناس.
* * * ومن المدينة انطلق الفقه لإسلامي إلى العراق، حيث أقام عبد الله بن مسعود زمانا معلما ووزيرا كما سماه عمر، وتعلم عليه تلاميذه وتلاميذ على، كعبيدة، وعلقمة، والحارث. وعن طريق علقمة تعلمت مدرسة النخعيين يتقدمها الأسود وعبد الرحمن، ويتوسط عقدها إبراهيم ابن يزيد شيخ حماد بن أبي سليمان.
وفي حلقة حماد بالكوفة قضى أبو حنيفة عشرين عاما يتعلم، ليصبح علما على مدرسة الرأي والقياس الذي قعد قواعده الشافعي فانتشر في كل فروع العلم الإسلامي.
وهوى أبي حنيفة مع أبناء على معروف وصلة فكره بزعماء أهل البيت واضحة، وإن مذهبه ليقارب المذهب الزيدي أكثر مما يقارب المذهب الحنفي غيره من مذاهب أهل السنة كما قيل.
ولقد استشهد زيد - بن زين العابدين - سنة 121. وفي ذلك العهد جلس أبو حنيفة مجلس حماد بن أبي سليمان بعد وفاته. وشرع يدون بعض مذهبه وكثيرا من الفروع. ثم مكن أبو يوسف للمذهب بتولية زملائه القضاء، ليلزموا الناس به، ثم نشره محمد بن الحسن بتدوينه في كتبه الشهيرة.
وتدوين الفقه في كتاب " المجموع " قد سبق به زيد مدرسة أبي حنيفة.
ولعل أبا حنيفة تعلم تدوين الفقه عليه - بل إن الجميع قد قلدوا فيه صنيع أهل البيت أنفسهم. ولديهم الكتب فيها العلم، أحاديث وفقها، يتعلمونه كابرا عن كابر.