قال هشام: سله عما بدا لك. قال الشامي: قطعت عذري فعلي السؤال.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أنا أكفيك المسألة يا شامي! أخبرك عن مسيرك وسفرك، خرجت في يوم كذا، وكان طريقك كذا، ومررت على كذا، ومر بك كذا! فأقبل الشامي كلما وصف له شيئا من أمره يقول: صدقت والله! ثم قال له الشامي: أسلمت لله الساعة! فقال له أبو عبد الله عليه السلام: بل آمنت بالله الساعة إن الإسلام قبل الإيمان، وعليه يتوارثون ويتناكحون، والإيمان عليه يثابون. قال الشامي: صدقت!
فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأنك وصي الأوصياء! وأقبل أبو عبد الله عليه السلام على حمران بن أعين فقال:
يا حمران تجري الكلام على الأثر فتصيب. والتفت إلى هشام بن سالم فقال: تريد الأثر ولا تعرف؟ ثم التفت إلى الأحول فقال: قياس رواغ تكسر باطلا بباطل إلا أن باطلك أظهر. ثم التفت إلى قيس الماصر فقال:
متكلم وأقرب ما تكون من الحق، والخبر عن الرسول (ص) أبعد ما تكون منه، تخرج الحق بالباطل، وقليل الحق يكفي من كثير الباطل، أنت والأحول قفازان حاذقان! قال يونس ابن يعقوب: فظننت والله أنه يقول لهشام بن الحكم قريبا مما قال لهما. فقال: يا هشام لا تكاد تقع حتى تلوي رجليك، إذا هممت بالأرض طرت، مثلك فليكلم الناس، اتق الله، فالزلة والشفاعة وراءك، قال المفيد: وهذا الخبر مع ما فيه من حجة في النظر ودلالة في الإمامة، يتضمن من المعجز لأبي عبد الله (ع) بالخبر عن الغائب مثل الذي تضمنه الخبران المتقدمان (يعني خبر مقاتل الطالبيين وخبر عتبة ابن نجاد المتقدمين في أدلة إمامته) وموافقتهما في معنى البرهان ا ه.