وقد جمعكم الله في هذا الموضع، فاعقدوا بيعة لرجل منكم تعطونه إياها من أنفسكم وتواثقوا على ذلك حتى يفتح الله، وهو خير الفاتحين، فقال عبد الله بن الحسن:
قد علمتم أن ابني هذا هو المهدي فهلم فلنبايعه. وقال أبو جعفر:
لأي شئ تخدعون أنفسكم؟ والله لقد علمتم ما الناس إلى أحد أسرع إجابة منهم إلى هذا الفتى، يعني محمد بن عبد الله. قالوا: قد صدقت والله أن هذا لهو الذي نعلم. فبايعوا محمدا جميعا ومسحوا على يده. قال عيسى: وجاء رسول عبد الله بن حسن إلى أبي أن ائتنا فإننا مجتمعون لأمر. وأرسل بذلك إلى جعفر بن محمد، هكذا قال عيسى، وقال غيره: قال لهم عبد الله بن الحسن لا تريدوا جعفرا لئلا يفسد عليكم أمركم. قال عيسى: فأرسلني أبي أنظر ما اجتمعوا عليه. وأرسل جعفر بن محمد، محمد بن عبد الله الأرقط ابن علي بن الحسين، فجئناهم فإذا بمحمد بن عبد الله يصلي على طنفسة رجل مثنية فقلت: أرسلني أبي إليكم لأسألكم لأي شئ اجتمعتم؟ فقال عبد الله: اجتمعنا لنبايع المهدي محمد بن عبد الله. قال: وجاء جعفر بن محمد فأوسع له عبد الله بن حسن إلى جنبه فتكلم بمثل كلامه. فقال جعفر: لا تفعلوا فإن هذا الأمر لم يأت بعد فإن كنت ترى، يعني عبد الله، أن ابنك هو المهدي فليس به ولا هذا أوانه. وإن كنت إنما تريد أن نخرجه غضبا لله وليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فإنا والله لا ندعك وأنت شيخنا ونبايع ابنك، فغضب عبد الله وقال: لقد علمت خلاف ما تقول، والله ما أطلعك الله على غيبه، ولكن يحملك على هذا الحسد لابني! فقال: والله ما ذاك يحملني ولكن هذا وإخوته وأبناؤهم دونكم. وضرب بيده على ظهر أبي العباس