قد نقلنا إليها خير متاعنا، وإنا عن قليل إليها صائرون.. " (1).
وعلى ضوء الرؤية الاسلامية للانسان وللحياة وللكون فان حياة الانسان سوف لا تنتهي بموته، بل بالعكس فان هذه الحياة الأولى التي يعيش فيها ضيقة وصعبة، وسوف يتخلص من كثير من صعوباتها وضيقها بانتقاله إلى العوالم الأخرى ولكن ذلك يعتمد على ما يبذله من جهد في بناء مواقعه الحياتية في العوالم الأخرى وهو في الدنيا.
كما أنه سوف يعاني الامرين والأشد في تلك العوالم فيما إذا لم يهتم في هذه الدنيا ببناء عوالمه تلك لأنه قد يمكنه تجاوز كثير من الأخطاء العمدية في هذه الحياة الدنيا، ويمكنه أن يتخلص بالتواءاته من كثير من المواقف الحرجة والحسابات القانونية والاجتماعية، لأن هذه الدنيا هي دنيا العمل بلا حساب، وأما تلك العوالم فهي بالعكس تماما فلا ينفعه دهاؤه ولا تنفعه حيله، لأن تلك العوالم حساب بلا عمل، إضافة إلى أن هذه الدنيا يحكمها الغموض ويسيطر عليها قانون التمويه لاختفاء الحقائق وراء مظاهر لا تمثلها ولا تمت إليها بصلة، ولكن العوالم الأخرى بعكس ذلك فهي عوالم الحقائق * (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) * (2).
وذلك اليوم * (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون) * (3) والحقائق تكشفت، فيسعى الانسان جاهدا إلى أن يتحرك ويعمل ليعوض عما سبق ويتخلص من الورطات الجديدة التي وقع فيها ولكنه لا يستطيع.
ولذلك ففي الرؤية الاسلامية أن الحياة الحقيقية هي تلك الحياة التي سيعيشها الانسان بعد انتقاله إليها بعد بالموت، وقد عبر القرآن الكريم عن تلك الحياة * (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون) * (4) أي أن الانسان في تلك العوالم