وفي كشف الغمة: قال ابن طلحة: روى مرفوعا إلى أبي بكرة... قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه مرة ويقول: إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين (1).
وروى أيضا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إن هذا ريحانتي، وإن ابني هذا سيد، وعسى أن يصلح به بين فئتين من المسلمين.
تبين من هذه الأحاديث أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما أخبر أمير المؤمنين بقتال المارقين والقاسطين والناكثين ومدحه على ذلك، كذلك أخبر الحسن (عليه السلام) بصلح معاوية ومدحه على ذلك، وكما اقتضت الحكمة إيجاب الجهاد على أمير المؤمنين (عليه السلام)، اقتضت ايجاب الصلح على الحسن (عليه السلام)، وأنى يكون لأحد إدراك الحكمة في أسرار آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذلك لأن أقوالهم وأفعالهم ذات مقامات ظاهرة وباطنة، وعقول أغلب الناس عاجزة عن إدراك الأحكام الظاهرة فضلا عن إدراك الحكم الباطنة.
وأما الأسرار الخفية فلا سبيل إلى إدراكها بحال.
وما يدرينا لماذا صالح الإمام الحسن معاوية ورأى في صلحه مرآة للسعادة؟
ولماذا قام الإمام الحسين ورأى فوز الأمة وفلاحها في الشهادة؟ إنهم يعملون بأمر الله ورضاه، وليس لأحد أن يبلغ تلك الأسرار الربانية والحكم الإلهية، كيف لا والله تبارك وتعالى قاهر وغالب وقادر على أن يبيد الكفار ولا يمهل المشركين الأشرار!! إن الخوض في هذه الصحراء المترامية والسير في هذه السبيل اللا متناهية ليس من صالحنا.