واشتقاقه من الأذن بفتحتين وهو الاستماع، وشرعا: الإعلام بوقت الصلاة المفروضة بألفاظ مخصوصة.
الثاني: في بعض أسرار الأذان وبدائعه، قال القاضي: " الأذان كلمة جامعة لعقيدة الإيمان مشتملة على نوعيه من العقليات والسمعيات، فأوله إثبات الذات، وما يستحقه من الكمال والتنزيه عن أضدادها، وذلك بقوله: " الله أكبر "، وهذه اللفظة مع اختصارها دالة على ما ذكرناه، ثم صرح بإثبات الوحدانية ونفي ضدها من الشركة المستحيلة في حقه سبحانه وتعالى، وهذه عمدة الإيمان والتوحيد المقدمة على كل وظائف الدين ثم صرح بإثبات النبوة والشهادة بالرسالة لنبيه صلى الله عليه وسلم، وهي قاعدة عظيمة بعد الشهادة بالوحدانية، وموضعها بعد التوحيد لأنها من باب الأفعال الجائزة الوقوع، وتلك المقدمات من باب الواجبات، وبعد هذه القواعد كملت العقائد فيما يجب ويستحيل ويجوز في حقه سبحانه وتعالى. ثم دعاهم إلى ما دعاهم الله إليه من العبادات، فدعاهم إلى الصلاة، وعقبها بعد إثبات النبوة لأن معرفة وجوبها من جهة النبي صلى الله عليه وسلم لا من جهة العقل. ثم دعا إلى الفلاح، وهو الفوز والبقاء في النعيم المقيم، وفيه إشعار بأمور الآخرة من البعث والجزاء، وهي آخر تراجم عقائد الإسلام. ثم كرر ذلك بإقامة الصلاة للإعلام بالشروع فيها، وهو متضمن لتأكيد الإيمان، وتكرار ذكره عند الشروع في العبادة بالقلب واللسان، وليدخل المصلي فيا على بينة من أمره وبصيرة بإيمانه، ويستشعر عظيم ما دخل فيه وعظمه حق من يعبده وجزيل ثوابه ". انتهى كلام القاضي. قال النووي: " وهو من النفائس الجليلة " وبالله التوفيق.
قلت: قد ألف الإمام الحافظ برهان الدين البقاعي (1) رحمه الله جزءا لطيفا في أسرار الأذان سماه " الإيذان بفتح أسرار التشهد والأذان ". وأنا مورد هنا ما ذكره في الأذن ليستفاد فإنه نفيس جدا.
قال رحمه الله بعد أن أورد أحاديث بعض الأذان والتشهد: " مقصوده - أي الأذان - الإعلام بأوقات الصلاة تنبيها على أن الدين قد ظهر، وانتشر علم لوائه في الخافقين واشتهر، وسار في الآفاق على الرؤوس فبهر، وأذل الجبابرة وقهر وأعلم أنه لما كان الدين المحمدي دين الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد دينا غيره، قد علا كل دين، فظهره كل مخالف