سبعين من قومه من بني سهم، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: (من أنت)؟ قال: بريدة، فقال لأبي بكر:
(برد أمرنا وصلح). ثم قال: (ممن)؟ قال: من أسلم. فقال لأبي بكر: (سلمنا). ثم قال: (من بني من)؟ قال: من بني سهم. قال: (خرج سهمك (يا أبا بكر)). فقال بريدة للنبي صلى الله عليه وسلم: من أنت؟ قال: (أنا محمد بن عبد الله رسول الله). فقال بريدة: أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. فأسلم بريدة وأسلم من كان معه جميعا. قال بريدة: الحمد لله الذي أسلم بنو سهم طائعين غير مكرهين، فلما أصبح قال بريدة للنبي صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله لا تدخل المدينة إلا ومعك لواء). فحل عمامته ثم شدها في رمح ثم مشى بين يديه حتى دخلوا المدينة) (1).
تنبيهات الأول: قال الحافظ: كان بين ابتداء هجرة الصحابة وبين العقبة الأولى والثانية وبين هجرته صلى الله عليه وسلم شهران وبعض شهر على التحرير.
الثاني: قول عائشة رضي الله عنها: (ما كنت أرى أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي من الفرح). قال في الروض: (قالت ذلك لصغر سنها وأنها لم تكن علمت بذلك) وقد تطرقت الشعراء لهذا المعنى فأخذته استحسانا له فقال الطائي يصحف السحاب:
دهم إذا وكفت في روضة طففت * عيون أزهارها تبكي من الفرح وذكر لأبي الطيب وزاد على هذا المعنى:
فلا تنكرن لها صرعة * فمن فرح النفس ما يقتل وقال بعض المحدثين:
ورد ا لكتاب من الحبيب بأنه * سيزورني فاستعبرت أجفاني غلب السرور علي حتى أنه * من فرط ما قد سرني أبكاني يا عين صار الدمع عندك عادة * تبكين في فرح وفي أحزان قال في الزهر: (وفيه من عدم التثبت ما ترى، أيجوز أن يحتج على عائشة بقول محدث؟ إنما كان يحتج عليها لو كانت العرب قالته، أما إذا لم تقله العرب فلا حجة عليها والله أعلم. قلت: السهيلي لم يحتج بذلك على عائشة رضي الله عنها، وإنما ذكره استطرادا للفائدة.
الثالث: نقل في الروض عن بعض شيوخ أهل المغرب أنه سئل عن امتناعه من أخذ الراحلة مع أن أبا بكر أنفق عليه ماله، فقال: أحب ألا تكون هجرته إلا من مال نفسه.