التاسع: قال المهلب بن أبي صفرة (1) رحمه الله: (أنما شرب النبي صلى الله عليه وسلم من لبن الغنم لأنه حينئذ كان في زمن المكارمة ولا يعارضه: (لا يحلبن أحد شاة إلا بإذنه) (2) لان ذلك وقع في زمن التشاح، أو الثاني محمول على التسور، والأول لم يقع فيه ذلك، بل قدم أبو بكر سؤال الراعي: هل أنت حالب؟ فقال: نعم، كأنه سأله: هل أذن صاحب الغنم في حلبها لمن يرد عليه؟ فقال: نعم، أو جرى على العادة المألوفة للعرب في إباحة ذلك والاذن في الحلب للمار وابن السبيل، فكان كل راع مأذونا له في ذلك).
وقال الداودي: (إنما شرب من ذلك على أنه ابن سبيل، وله شرب ذلك إذا احتاج ولا سيما النبي صلى الله عليه وسلم، وأبعد من قال: (إنما استجازه لأنه مال حربي لان القتال لم يكن فرض بعد ولا أبيحت الغنائم) وقال الحافظ: (قول أبي بكر: أفي غنمك لبن؟ الظاهر أن مراده بهذا الاستفهام: أمعك إذن في الحلب لمن يمر بك على سبيل الضيافة؟ ويحتمل أن أبا بكر لما عرف مالك الغنم عرف رضاءه بذلك لصداقته له أو إذنه العام بذلك).
العاشر: ذكر أبو نعيم هنا قصة إسلام ابن مسعود، لما وقع في بعض طرقه، قال: (كنت غلاما يافعا أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط بمكة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وقد فرا من المشركين، فقالا: (يا غلام هل معك من لبن)؟ فذكر الحديث، ويأتي بتمامه في المعجزات.
قال في البداية والفتح: (قوله في هذا السياق: (وقد فرا من المشركين)، ليس المراد به وقت الهجرة، وإنما ذلك في بعض الأحوال قبل الهجرة، لان ابن مسعود كان ممن أسلم قديما وهاجر إلى الحبشة كما تقدم ذلك، وقصته ثابتة في الصحاح.
الحادي عشر: ذكر في (العيون) قصة سراقة قبل قصة أم معبد والتزم في أولها أنه يرتب الوقائع. وذكر في (الإشارة) قصتها قبل قصة سراقة، وتبعته في ذلك وهو الصحيح الذي صرح جماعة.
الثاني عشر: ذكر رزين أن قريشا أقامت أياما لا يدرون أين أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعوا صوتا على أبي قبيس وهو يقول: