وقيل: أول المهاجرين مصعب بن عمير. روى البخاري في صحيحه، والحاكم في الإكليل عن البراء بن عازب قال: (أول من قدم علينا المدينة من المهاجرين مصعب بن عمير). وروى ابن إسحاق وابن سعد: (ثم كان أول من قدمها من المهاجرين بعد أبي سلمة:
عامر بن ربيعة (حليف بني عدي بن كعب)، معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة (1) - بالحاء المهملة المفتوحة وسكون الثاء المثلثة - قالا: (وهي أول ظعينة قدمت المدينة).
قال ابن إسحاق: (ثم عبد الله بن جحش احتمل بأهله وبأخيه أبي أحمد عبد بن جحش - بإضافة عبد إلى ابن جحش - وكان أبو أحمد رجلا ضرير البصر، وكان يطوف مكة أعلاها وأسفلها بغير قائد، وكان شاعرا، وكانت عنده الفارعة ابنة أبي سفيان بن حرب، وهاجر جميع بني جحش بنسائهم فعدا أبو سفيان على دارهم فتملكها، قال بعضهم: إنه باعها من عمرو بن علقمة أخي بني عامر بن لؤي، فذكر ذلك عبد الله بن جحش لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا ترضى يا عبد الله أن يعطيك الله بها دارا في الجنة خيرا منها؟) قال: بلى. قال:
(فذلك لك). ولما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة كلمه أبو أحمد في دارهم، فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال الناس لأبي أحمد: يا أبا أحمد إن رسول الله يكره أن ترجعوا في شئ أصيب منكم في الله. فأمسك الكلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن إسحاق: وكان بنو غنم بن دودان أهل إسلام، قد أوعبوا إلى المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هجرة رجالهم ونساؤهم: (عبد الله بن جحش وأخو أبو أحمد بن جحش، وعكاشة بن محصن وشجاع وعقبة ا بنا وهب وأربد بن حمير).
وروى ابن السمان في (الموافقة) عن علي رضي الله عنه قال: ما علمت أن أحدا من المهاجرين هاجر إلا مختفيا إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه وتنكب قوسه وانتضى في يده أسهما واختصر عنزته، ومضى قبل الكعبة، والملا من قريش بفنائها فطاف بالبيت سبعا (متمكنا)، ثم أتى المقام فصلى ركعتين، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة وقال لهم: شاهت ا لوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن يثكل أمه أو يؤتم ولده أو يرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي. قال علي رضي الله عنه: فلم يتبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم ما أرشدهم إليه ثم مضى لوجهه. وروى ابن إسحاق: حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: