يكن رجوع الشمس نافعا وأنه لا يتجدد الوقت لما ردها عليه، فكذلك يكون إحياء أبوي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قبل الله تعالى إيمان قوم يونس وتوبتهم مع تلبسهم بالعذاب كما هو أحد الأقوال وهو ظاهر القرآن.
وأما الجواب عن الآية فيكون ذلك قبل إيمانهما وكونهما في العذاب. انتهى كلام القرطبي. ونقله الحافظ في شرح الدرر ملخصا له. وأقره.
ازاينجا قال الشيخ رحمه الله: استدلاله على عدم تجدد الوقت بقصة رجوع الشمس في غاية الحسن ولهذا حكم بكون الصلاة أداء وإلا لم يكن لرجوعها فائدة إذ كان يصح قضاء العصر بعد الغروب. قال: وقد ظفرت باستدلال أوضح منه، وهو ما ورد أن أصحاب الكهف يبعثون آخر الزمان ويحجون ويكونون من هذه الأمة تشريفا لهم بذلك.
وورد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مرفوعا: أصحاب الكهف أعوان المهدي.
رواه ابن مردويه في التفسير. فقد اعتد بما يفعله أصحاب الكهف بعد حياتهم عن الموت. ولا بدع في أن يكون الله تعالى كتب لأبوي النبي صلى الله عليه وسلم عمرا ثم قبضهما قبل استيفائه ثم أعادهما لاستيفاء تلك اللحظة الباقية وآمنا فيها فيعتد به ويكون تأخير تلك البقية بالمدة الفاصلة بينهما لاستدراك الإيمان، من جملة ما أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم، كما أن تأخير أصحاب الكهف هذه المدة من جملة ما أكرموا به، فيحوزون شرف الدخول في هذه الأمة.
وأما حديث: (ليت شعري ما فعل أبواي) فإنه معضل ضعيف لا تقوم به حجة.
وقال الحافظ ابن سيد الناس في (العيون) بعد أن ذكر أنه روى أن الله تعالى أحياء أبويه فآمنا به قال: وهو مخالف لما أخرجه أحمد عن أبي رزين العقيلي قال: قلت: يا رسول الله أين أمي؟ قال: أمك في النار. قلت: فأين من مضى من أهلك؟ قال: أما ترضى أن تكون أمك مع أمي. قال: وذكر بعض أهل العلم في الجمع بين هذه الروايات ما حاصله: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل راقيا في المقامات السنية صاعدا إلى الدرجات العلية إلى أن قبض الله روحه الطاهرة لديه وأزلفه بما خصه به لديه من كرامة القدوم عليه، فمن الجائز أن تكون هذه كرامة حصلت له صلى الله عليه وسلم بعد أن لم تكن وأن يكون الإحياء والإيمان متأخرا عن تلك الأحاديث، فلا تعارض.
انتهى.
فصل في الكلام على أحاديث النهي عن استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لأبويه.
حديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ليت شعري ما فعل أبواي) فنزل (إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم) فما ذكرهما حتى توفاه الله. رواه ابن جرير وغيره