فاتذقوا لبنها، ففعلوا ذلك وقالوا لها: هل من طعام؟ فقالت: لا، إلا هذه الشاة (1) ما عندي غيرها أقسم عليكم بالله إلا ما ذبحها أحدكم حتى أهيئ (2) لكم حطبا واشووها وكلوها، ففعلوا وأقاموا حتى بردوا، فلما ارتحلوا قالوا لها: نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه، فإذا رجعنا سالمين فألمي بنا فإنا صانعون إليك خيرا، ثم ارتحلوا. فأقبل زوجها فأخبرته [عن] خبر القوم والشاة فغضب [الرجل] وقال:
ويحك أتذبحين شاتي (3) لأقوام لا تعرفيهم ثم تقولين نفر من قريش؟
ثم بعد وقت (4) طويل ألجأتهم الحاجة واضطرتهم السنة إلى دخول المدينة فدخلاها [وجعلا] ينقلان (5) البعر [إليها ويبيعانه ويعيشان منه] فمرت العجوز في بعض السكك (6) تلتقط البعر، والحسن (عليه السلام) جالس على باب داره فبصر بها فعرفها فناداها وقال لها: يا أمة الله تعرفيني؟ فقالت: لا فقال (عليه السلام): أنا أحد ضيوفك في المنزل الفلاني ضيفك يوم كذا، سنة كذا، فقالت: بأبي أنت وأمي لست أعرفك، قال (عليه السلام): فإن لم تعرفيني فأنا أعرفك، فأمر غلامه فاشترى لها من غنم الصدقة ألف شاة وأعطاها ألف دينار وبعث بها مع غلامه إلى أخيه الحسين، فعرفها وقال [لها]:
بكم وصلك أخي الحسن؟ فأخبرته، فأمر لها مثل ذلك، ثم بعث معها غلامه إلى عبد الله بن جعفر (رضي الله عنه) فقال: بكم وصلك الحسن وأخوه؟ فقالت: وصلني كل واحد منهما بألف شاة وألف دينار، فأمر لها بألفي شاة وألفي دينار، وقال: والله لو بدأت بي لأتعبتهما. ثم رجعت إلى زوجها وهي من أغنى الناس " (7).