إلى حولي وقوتى لقد فعل [جعفر] كذا وكذا، فامتنع الرجل فنظر إليه المنصور منكرا فحلف بها، فما كان بأسرع من أن ضرب برجله الأرض وخر (1) ميتا مكانه في المجلس، فقال المنصور: جروا برجله وأخرجوه لعنه الله.
ثم قال: لا عليك يا أبا عبد الله أنت البريء الساحة السليم الناحية المأمون (2) الغائلة، علي بالطيب والغالية، فأتوا بالغالية فجعل يغلف به لحيته إلى أن تركها تقطر وقال: في حفظ الله وكلاءته، وألحقه الربيع بجوائز حسنة وكسوة سنية.
قال الربيع: فلحقته بذلك ثم قلت له: يا أبا عبد الله إني رأيت قبلك ما لم تره أنت ورأيت بعد ذلك ما رأيت ورأيتك تحرك شفتيك وكلما حركتهما سكن الغضب، بأي شيء كنت تحركهما جعلت فداك؟ قال: بدعاء جدي الحسين (عليه السلام)، قلت، وما هو يا سيدي؟ قال: قلت: اللهم يا عدتي عند شدتي يا غوثي عند كربتي احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني (3) بركنك الذي لا يرام وارحمني بقدرتك علي فلا أهلك وأنت رجائي، اللهم إنك أكبر وأجل وأقدر مما أخاف وأحذر، اللهم بك أدرأ (4) في نحره وأستعيذ بك من شره إنك على كل شيء قدير.
قال الربيع: فما نزلت بي شدة قط ودعوت به إلا فرج الله عني. قال الربيع:
وقلت لأبي عبد الله: منعت الساعي بك إلى المنصور من أن يحلف يمينه وأحلفته أنت تلك اليمين، فما كان إلا أخذ لوقته فتعجبت من ذلك ما منعناك فيه؟ قال: لأن في يمينه الذي أراد أن يحلف بها توحيد الله وتمجيده وتنزيهه، فقلت: يحلم عليه ويؤخر عنه العقوبة، وأحببت تعجيلها فاستحلفته بما سمعت فأخذه الله لوقته (5).