لكونه موضوعا أو مجهولا لأن ذكر الفضايل مقصوده ولا يتعلق بالمذهب ولا يتوجه إليه رد وأما ما ذكره من مناقب الخوارزمي نقلا عن أبي ذر أنه قال من ناصب عليا الخلافة بعدي فهو كافر فهذا الحديث موضوع منكر لا يرتضيه العلماء وأكثر ما ذكر من كتاب مناقب الخوارزمي فكذلك وهذا الخوارزمي رجل كأنه شيعي مجهول لا يعرف بحال ولا يعده العلماء من أهل العلم بل لا يعرفه أحد ولا اعتداد برواياته وأخباره انتهى وأقول أما ما ذكره من أن المصنف ذكر في هذا المطلب أخبارا منكرة موضوعة إلى آخره فمردود بأن من جملة الأخبار التي ظن الناصب آثار الوضع والنكر فيها الحديث الذي رواه المصنف عن النبي (ص) بقوله لو اجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب (ع) لم يخلق الله النار وهذا الناصب لم يتعرض له بخصوصه لما رأى أن صاحب كشف الغمة (ره) قد شيد أركانه بدفع ما يتوهمه أمثال الناصب من القدح فيه ولقد أجاد في ذلك (ره) حيث قال أقول ربما وقف على هذا الحديث بعض من يميل إلى العناد طبعه ويتبع في الخلاف والنصب زرعه فيرد عليه منه ما يضيق عنه زرعه بخفض مناره عندما يعيبه رفعه ويسارع إلى القدح في راويه ومعتقده وينكر على ناقله بلسانه وقلبه ويده وهو لا يعلم أنه إنما أصيب من طبعه الزميم وأتى من جهة تصوره السقيم ووجه تبيينه أن محبة علي (ع) فرع محبة نبيه (ص) ومن المعلوم أن الناس كافة لو خلقوا على هذه الفطرة لم يخلق الله النار وكيف يحب عليا من خالف مذهبه في علمه وحلمه وزهده وورعه وصلاته وصيامه ومسارعته إلى طاعات الله وإقدامه والأخذ بكتاب الله في تحليل حلال الله وتحريم حرامه ومجاهدته في ذات الله شارعا لرمحه شاهرا لحسامه وقناعته بخشونة ملبسه وجشوبة مأكله وانتصابه في محرابه يقطع الليل بصالح عمله وهذه الأوصاف لا يستطيعه غيره من العباد ولكنه (ع) قال أعينوني بورع واجتهاد وقد وصف شيعته فقال أنهم خمص البطون من الطوى عمش العيون من البكاء انتهى وأما حكمه بجهالة الخوارزمي فمردود بأن الخوارزمي رجل فاضل معروف مشهور ومن جملة من يعرفه ابن حجر المتأخر الذي روى عنه في كتابه الموسوم بالصواعق المحرقة وكنيته أبو بكر وقد اشتهر به وكان أخطب الخطباء في دياره ويعلم من كنيته الشريفة أنه من أهل خوارزم لا من شيعة سبزوار وقم وكاشان فلا وجه لإنكار معرفته والشك في كونه من أهل السنة فإن أمثال هذا الحديث مما أجراه الله تعالى على لسانه إظهارا للحق ولو طعن في الحديث بوقوع أبي ذر الشيعي الخالص من أصحاب علي (ع) في سلسلة إسناده لكان أولى من القدح في أبي بكر المذكور وأما ما ذكره من أنه منكر مردود بأن هذا لا يقدح في صحة الحديث فإن كثيرا من الأحاديث الصحيحة عند الجمهور لم يرو إلا من طريق واحد كحديث نحن معاشر الأنبياء لا نورث فإن راويها أبو بكر فقط كما لا يخفى وأما ما ذكر من أنه لا يرتضيه العلماء فمع ما فيه من ظهور أن عدم الارتضاء إنما هو لأجل إصلاح حال الخلفاء الثلاثة مردود بأنه إن أراد به علماء الفريقين فبطلانه ظاهر وإن أراد به جماعة علماء أهل السنة فقولهم وبولهم في مقام الخلاف سواء بل الحديث الذي رواه واحد من أهل السنة ووافقه في صحته علماء الشيعة يكون من المتفق عليه بين أهل الإسلام وقدح بعض أهل السنة فيه خصوصا المتأخرين الذين التزموا الحكم بوضع كل ما يخالف غرضهم وإن كان الراوي منهم غير مسموع والوجه ظاهر ولعل الجماعة الذين لم يرتضوا بمضمون الحديث المذكور زعموا مخالفته لما ذهبوا إليه الإمامة من الفروع أو أشبه به على اختلاف عباراتهم لكن ما ذهبوا إليه فاسد مردود بما صح عنه (ع) من قوله من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية فإن الجاهل بشئ من الفروع إذا مات على الجهل به لا يموت كافرا وقد مر الكلام فيه مفصلا فتذكر قال المصنف رفع الله درجته المطلب الرابع في أنه صاحب الحوض واللواء والصراط والازن روى الخوارزمي عن ابن عباس قال قال رسول الله (ص) علي يوم القيامة على الحوض لا يدخله إلا من جاء بجواز من علي بن أبي طالب (ع) وعنه قال قال رسول الله (ص) إذا كان يوم القيامة أمر الله تعالى جبرئيل (ع) أن يجلس على باب الجنة فلا يدخلها إلا من معه براءة من علي بن أبي طالب (ع) وعن جابر بن سمرة قال قيل يا رسول الله (ص) من صاحب لوائك في الآخرة قال صاحب لوائي في الآخرة صاحب لوائي في الدنيا علي بن أبي طالب (ع) وعن عبد الله بن أنس قال قال رسول الله (ص) إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على شفير جهنم لم يجز عليه إلا من معه كتاب بولاية علي بن أبي طالب (ع) والأخبار في ذلك أكثر من أن يحصى فلينظر العاقل إذا كانت مثل هذه الأخبار وأضعافها أضعاف مضاعفة يرويها السنة وهي في صحاح الأخبار عندهم والآيات أيضا موافقة لها ثم يتركونها هل يجوز تقليدهم ومع ذلك فلم ينقلوا عن أئمة الشيعة منقصة ولا رزيلة ولا معصية البتة والتجأوا في التقليد إلى قوم رووا عنهم كل رزيلة ونسبوهم إلى مخالفة الشريعة في قضايا كثيرة ولنذكر ههنا بعضها في مطالب انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول من ضروريات الدين أن النبي (ص) صاحب الحوض المورود والشفاعة العظمى والمقام المحمود يوم القيامة وأما أن عليا صاحب الحوض فهذا من مخترعات الشيعة ولم يرد به نقل صحيح وهذا الرجل الذي ينقل كل مطالبه من كتب أصحابنا لم ينقل هذا منهم وذلك لأنه لم يصح فيه نقل عندنا ولكن ما ذكره لما كان من الفضايل والمناقب لمولانا علي بن أبي طالب (ع) فنحن لا ننكره لأن كل ما نقل من فضايله وفضايل أهل بيت النبي (ص) ما لم يكن سببا إلى الطعن في أفاضل الصحابة نتسلمه ونوافقه فيه لأن فضايلهم لا يحصى ولا ينكره إلا منكر نور الشمس والقمر وأما ما ذكره أن أمثال هذه الأخبار يرويها السنة وهي في صحاح الأخبار عندهم والآيات أيضا موافقة لها ثم يتركونها هل يجوز لهم تقليدهم فإن أهل السنة يعملون بكل حديث وخبر صح عندهم بشرايطها ولكن كما صح عندهم الأحاديث الدالة على فضايل علي بن أبي طالب (ع) وأهل بيت رسول الله كذلك صح عندهم الأحاديث الدالة على فضايل الخلفاء الراشدين فيهم يجمعون بين الأحاديث الصحاح وينزلون كلا منزله الذي أنزله الله ولا ينقصون أحدا ممن صح فيه هذا الحديث والشيعة ينقلون الأحاديث من كتب أصحابنا مما يتعلق بفضايل أهل البيت ويسكتون عن فضايل الخلفاء وأكابر الصحابة ليتمشى لهم الطعن والقدح وهذا غاية الخيانة في الدين وأية خيانة أعظم من أن رجلا ذكر بعض كلام أحدهما يتعلق بشئ وترك البعض
(٢١٠)