الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ٤٦١
ثم قال (1) علي (عليه السلام): يا معاوية هلم إلى مبارزتي لا تفنى العرب بيننا (2)، فقال معاوية: لا حاجة لي في مبارزتك فقد قتلت أربعة من أبطال العرب فحسبك (3).
فصاح فارس من أصحاب معاوية يقال له عروة (4) فقال: يا ابن أبي طالب إن كان معاوية قد (5) كره مبارزتك فأنا (6)، وجرد سيفه وخرج للإمام فتجاولا ثم إنه سبق الإمام بضربة تلقاها علي (عليه السلام) في سيفه، ثم إن عليا (عليه السلام) ضربه ضربة على رأسه ألقاه إلى الأرض قتيلا (7)، فعظم على أهل الشام قتل عروة لأنه كان من أعظم شجعانهم ومشاهير فرسانهم ثم حجز الليل بينهم.
ومنها: ما اتفق أيضا في بعض أيامها وقد تقابل الجيشان إذ خرج علي بن أبي طالب (عليه السلام) متنكرا فدعا بالمبارزة (8) فقال معاوية لعمرو بن العاص: عزمت عليك إلا

(١) في (أ): صاح.
(٢) انظر كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين: ١٥٧، وقعة صفين: ٣١٦ ولكن بلفظ " ولا يقتلن الناس فيما بيننا " والفتوح لابن أعثم: ٢ / ١١٢.
(٣) انظر وقعة صفين: ٢٧٥ و ٣١٦ و ٣٨٨، والإمامة والسياسة لابن قتيبة: ١ / ١٢٦ تحت عنوان " دعا علي (عليه السلام) معاوية إلى البراز " وخلاصة ذلك: ابرز لي وأعف الفريقين من القتال، فأينا قتل صاحبه كان الأمر له، قال عمرو: لقد أنصفك الرجل، فقال معاوية: إني لأكره أن أبارز... لعلك طمعت فيها يا عمرو... وانظر الفتوح لابن أعثم: ٢ / ١١٢.
(٤) هو عروة بن داود الدمشقي كما جاء في الفتوح: ٢ / ١١٣، ووقعة صفين: ٤٥٨، أما ابن أبي الحديد في شرح النهج: ٢ / ٣٠٠ قال: أبو داود عروة بن داود العامري.
(٥) في (ب): فقد.
(٦) في (أ): له.
(٧) انظر ابن أعثم في الفتوح: ٢ / ١١٣، ووقعة صفين: ٤٥٨ ولكن بلفظ " فضربه فقطعه قطعتين، سقطت إحداهما يمنة، والأخرى يسرة، فارتج العسكران لهول الضربة... وقد رثاه ابن عم له، انظر الشعر:
٤٥٨ - ٤٥٩.
(٨) في (ج): وطلب البراز.
ووردت هذه القصة بألفاظ مختلفة وفي مصادر تاريخية متعددة ولكن كلها تؤدي نفس المعنى، فقد ذكرها ابن مزاحم في وقعة صفين: ٤٠٦ و ٤٠٨ و ٤٢٣ و ٤٢٤ و ٤٣٢، والإمامة والسياسة لابن قتيبة: ١ / ١٢٧، كشف اليقين: ١٥٧ - ١٥٨، طبقات ابن سعد: ٧ / ١٨٨، أسد الغابة:
٤
/ ٤٢٠، الكامل في التاريخ: ٢ / ٢٣٢، شرح النهج لابن أبي الحديد: ١ / ٢٠، و: ٨ / ٥٣.
ونقل لنا نصر بن مزاحم في وقعة صفين المحاورة والأشعار والفرار وكشف العورة من قبل عمرو بن العاص، قال: وحمل أهل العراق وتلقاهم أهل الشام فاجتلدوا، وحمل عمرو بن العاص معلما وهو يقول:
شدوا علي شكتي لا تنكشف * بعد طليح والزبير فأتلف يوم لهمدان ويوم للصدف * وفي تميم نخوة لا تنحرف أضربها بالسيف حتى تنصرف * إذا مشيت مشية العود الصلف ومثلها لحمير أو تنحرف * والربعيون لهم يوم عصف فاعترضه علي (عليه السلام) يقول:
قد علمت ذات القرون الميل * والخصر والأنامل الطفول إني بنصل السيف خنشليل * أحمى وأرمى أول الرعيل بصارم ليس بذي فلول ثم طعنه فصرعه واتقاه عمرو برجله، فبدت عورته، فصرف علي وجهه عنه وارتث، فقال القوم:
أفلت الرجل يا أمير المؤمنين قال: وهل تدرون من هو؟ قالوا: لا، قال: فإنه عمرو بن العاص تلقاني بعورته فصرفت وجهي عنه.
ورجع عمرو إلى معاوية فقال له: ما صنعت يا عمرو؟ قال: لقيني علي فصرعني. قال: احمد الله وعورتك، أما والله أن لو عرفته ما أقحمت عليه، وقال معاوية في ذلك شعرا:
ألا لله من هفوات عمرو * يعاتبني على تركي برازي فقد لاقى أبا حسن عليا * فآب الوائلي مآب خازي فلو لم يبد عورته للاقى * به ليثا يذلل كل نازي فغضب عمرو وقال: ما أشد تغبيطك عليا في أمري هذا؟ هل هو إلا رجل لقيه ابن عمه فصرعه، أفترى السماء قاطرة لذلك دما؟ قال: ولكنها معقبة لك خزيا.
ثم قال في: ٤٣٢: إن معاوية أظهر لعمرو شماتة وجعل يقرعه ويوبخه... وإنك لجبان فغضب عمرو ثم قال: والله لو كان عليا ما قحمت عليه يا معاوية، فهلا برزت إلى علي إذ دعاك إن كنت شجاعا كما تزعم، وقال عمرو في ذلك شعرا:
فهل لك في أبي حسن علي * لعل الله يمكن من قفاكا دعاك إلى النزال فلم تجبه * ولو نازلته تربت يداكا وانظر المحاورة والشعر في صفحة أخرى من الكتاب وهي: ٤٧٢ - ٤٧٣. وقال جورج جرداق في كتابه الإمام علي (عليه السلام) صوت العدالة الإنسانية: ١ / ٨٢: وقد أصبح ذو الفقار فوق هامته، ولو قضى علي (عليه السلام) على عمرو آنذاك لكان قضى على المكر والدهاء وجيش معاوية. وانظر شرح النهج لابن أبي الحديد: ٣ / ٣٣٠، وكشف اليقين لابن المطهر الحلي: 157 - 158 وابن أعثم في الفتوح: 2 / 44 وما بعدها.
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 463 464 465 466 467 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 مقدمة التحقيق 9
3 ترجمة المؤلف 15
4 ممن اشتهر بابن الصباغ 16
5 مكانته العلمية 17
6 شيوخه 20
7 تلاميذه الآخذون منه والراوون عنه 21
8 آثاره العلمية 21
9 شهرة الكتاب 24
10 مصادر الكتاب 25
11 رواة الأحاديث من الصحابة 38
12 مشاهير المحدثين 46
13 مخطوطات الكتاب 54
14 طبعاته 57
15 منهج العمل في الكتاب 58
16 شكر و تقدير 60
17 مقدمة المؤلف 71
18 ] من هم أهل البيت؟ [ 113
19 في المباهلة 113
20 تنبيه على ذكر شيء مما جاء في فضلهم وفضل محبتهم (عليهم السلام) 141
21 الفصل الأول: في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه 163
22 فصل: في ذكر ام علي كرم الله وجهه 177
23 فصل: في تربية النبي (صلى الله عليه وسلم) له (عليه السلام) 181
24 فصل: في ذكر شيء من علومه (عليه السلام) 195
25 فصل: في محبة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 207
26 فصل: في مؤاخاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 219
27 فصل: في ذكر شيء من شجاعته (عليه السلام) 281
28 فائدة 533
29 فصل: في ذكر شيء من كلماته الرائعة 537
30 فصل: أيضا في ذكر شيء من كلماته 549
31 فصل: في ذكر شيء يسير من بديع نظمه ومحاسن كلامه (عليه السلام) 561
32 فصل: في ذكر مناقبه الحسنة (عليه السلام) 567
33 فصل: في صفته الجميلة وأوصافه الجليلة (عليه السلام) 597
34 فصل: في ذكر كنيته ولقبه وغير ذلك مما يتصل به (عليه السلام) 605
35 فصل: في مقتله ومدة عمره وخلافته (عليه السلام) 609
36 فصل: في ذكر أولاده عليه وعليهم السلام 641
37 فصل: في ذكر البتول 649