الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ٤٦٤
رجليه (1) فبدت سوأته، فصرف علي عنه وجهه راجعا إلى عسكره وهو يقول: عورة المؤمن حمى، فقام عمرو فركب فرسه وأقبل على معاوية فجعل معاوية يضحك (2) منه، فقال عمرو: مم تضحك؟ والله لو تكن أنت وبدا له من صفحتك ما بدا [له] من صفحتي لصرت كذلك وما أقالك، فقال له معاوية: لو كنت أعلم أنك ما تحمل مزاحا ما مازحتك، فقال عمرو: وما أحملني للمزاح ولكني رأيت أن لقي رجل رجلا قصد أحدهما على الآخر انفطر السماء دما، فقال معاوية: ولكنها سوأة تعقب فضيحة الأبد، أما والله لو عرفته ما قدمت عليه. والى ذلك أشار أبو فراس بقوله:
ولا خير في دفع (3) الردى بمذلة * كما ردها يوما بسوأته عمرو ثم إن فارسا من فرسان معاوية كان مشهورا بالشجاعة يقال له بسر بن أرطاة (4)

(١) في (أ): رجله.
(٢) المصدر السابق: ٢ / ٤٤ مع اختلاف يسير في اللفظ.
(٣) في (أ): رد.
(٤) هو بسر بن أرطاة ويقال: ابن أبي أرطاة، واسمه عمير بن عويمر بن عمران القرشي العامري: كان من شيعة معاوية، نزيل الشام مات سنة (٨٦ ه‍) وهو أحد فراعنة الشام وكان مع معاوية بصفين، فأمره أن يلقى عليا في القتال. وقال له: سمعتك تتمنى لقاءه، فلو أظفرك الله به وصرعته حصلت على دنيا وآخرة ولم يزل يشجعه ويمنيه حتى رآه. فقصده في الحرب فالتقيا، فطعنه علي فصرعه، فانكشف له فكف عنه كما عرض له ذلك مع عمرو بن العاص. اختلفوا في أن بسرا أدرك النبي (صلى الله عليه وآله) وسمعه أم لا. وقالوا: إنه لم يكن له استقامة بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، وكان من أهل الردة وقد دعا عليه علي (عليه السلام) لما بلغه أنه يقتل الصبيان من المسلمين فقال (عليه السلام): اللهم أسلب دينه، ولا تخرجه من الدنيا حتى تسلبه عقله، فأصابه ذلك وفقد عقله، وكان يهذي بالسيف ويطلبه، فيؤتى بسيف من خشب، ويجعل بين يديه زق منفوخ، فلا يزال يضربه حتى يسأم، وتوفي في أيام معاوية. وقالوا: دخل المدينة فخطب الناس، وشتمهم وتهددهم يومئذ وتوعدهم وقال: شاهت الوجوه. ولما دخل اليمن ولقي ثقل عبيد الله بن العباس، وفيه ابنان له صغيران، فذبحهما بيده بمدية كانت معه، ثم انكفأ راجعا إلى معاوية. فقالت له امرأة له: يا هذا قتلت الرجال، فعلام تقتل هذين؟ والله ما كانوا يقتلون في الجاهلية والإسلام، والله يا ابن أرطاة إن سلطانا لا يقوم إلا بقتل الصبي الصغير والشيخ الكبير ونزع الرحمة وعقوق الأرحام لسلطان سوء.
قالوا: فولهت عليهما أمهما، وكانت لا تعقل، ولا تصغي إلا لمن يخبرها بقتلهما، ولا تزال تنشدهما في الموسم:
هامن أحس بابني اللذين هما * كالدرتين تشظى عنهما الصدف * إلى آخر الأبيات. ولسنا بصدد بيان حياة بسر، والكتب التي ترجمته أو ذكرت نبذة من أموره الشنيعة كثيرة، وقد ذكر أساميها في تعليقة ٦٦ من كتاب الغارات، فراجع. نحن نحيل القارئ الكريم إلى المصادر التي تحت أيدينا فليلاحظها:
الاستيعاب: ٦٤ - ٦٧، وقعة صفين: ٤٦٢ ط ٢ سنة ١٣٨٢ ه‍ و ط ٢ تحقيق عبد السلام هارون المؤسسة العربية الحديثة، ومنشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي قم لسنة ١٤٠٤ ه‍: ٤٤ و ١٥٧ و ٣٠٥ و ٤١٢ و ٤٢٤ و ٤٢٩ و ٤٥٩ و ٤٦٠ و ٤٦٢ و ٥٠٤ و ٥٠٧، شرح النهج لابن أبي الحديد: ٢ / ٣٠١، الأغاني: ١٥ / ٤٥، تهذيب ابن عساكر: ٣ / ٢٢٠، تاريخ الطبري: ٦ / ٨٠، و: ٤ / ٢٠ وما بعدها ط أخرى، كتاب الغارات برواية ابن أبي الحديد في شرح النهج تحقيق محمد أبو الفضل: ٢ / ٣ - ١٤، تاريخ اليعقوبي: ٢ / ١٤١، تهذيب التهذيب: ١ / ٤٣٦، تاريخ دمشق:
٣ / ٢٢٢، نهاية الأرب للقلقشندي: ٣٧١، مروج الذهب بهامش ابن الأثير: ٦ / ٩٣، الجمهرة: ٢٢٨ و ٣٩١، أسد الغابة: ٣ / ٣٤٠، و: ١ / ١٨٠، ابن الأثير: ٣ / ١٥٣، كشف اليقين: ١٥٨، المعارف لابن قتيبة: 122، الفتوح لابن أعثم: 2 / 39 و 92، وما بعدها، الإمامة والسياسة: 1 / 123 و 148 و 150.
(٤٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 458 459 460 461 463 464 465 466 467 468 469 ... » »»
الفهرست