الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ٤٥١
الكندي (1)،
(١) هو شرحبيل بن السمط الكندي، كان سيد قومه، وهو عدو لجرير بن عبد الله البجلي كما يقول ابن أعثم في الفتوح: ١ / ٥٣٠، وهو الذي كتب إليه معاوية بن أبي سفيان - وكان شرحبيل يومئذ بمدينة حمص -:
أما بعد فإن جريرا قدم علينا من عند علي بن أبي طالب بأمر فظيع، فاقدم إلينا يرحمك الله... ثم قال:
فلما ورد إليه كتاب معاوية وقرأه أقبل على عبد الرحمن بن غنم الأزدي. (كما في التجريد: ١ / ٣٨١).
وهو صاحب معاذ بن جبل، وكان أفقه أهل الشام فاستشاره في المسير إلى معاوية فقال له عبد الرحمن:
ويحك يا شرحبيل، إن الله لم يزل يريد بك خيرا مذ هاجرت إلى وقتك هذا... ثم قال شعرا:
أيا شرح يا ابن السمط إنك بالغ * بأخذ علي ما تريد من الأمر إلى آخر الأبيات، انظر في الفتوح: ١ / ٥٣١ هامش رقم ٢.
قال: فلما سمع شرحبيل بن السمط هذا الشعر كأنه وقع في قلبه، ثم أقبل على عبد الرحمن بن غنم فقال: إني سمعت ما قلت وقد أحببت أن أسمع كلام معاوية في نفر من بني عمه.
وكتب إليه الأسود بن عبد الله أبياتا من الشعر:
أبا شرح يا ابن السمط لا تتبع الهوى * فمالك في الدنيا من الدين بالبدل إلى آخرها، أوردها أيضا ابن أعثم في الفتوح أيضا: ١ / ٥٣٢ هامش رقم ١.
قال: فلما تفهم شرحبيل هذا الشعر ذعر منه ذعرا شديدا وفكر في أمره ثم قال: هذه والله نصيحة لي في ديني ودنياي، لا والله لا عجلت في هذا الأمر بشيء، وفي نفسي منه حاجة. قال: ثم سار إلى معاوية ودخل عليه - إلى ان قال: - إن شهدا عندي رجلان من سادات أهل الشام أن عليا قتل عثمان صدقتك وقاتلت بين يديك أنا وجميع من أطاعني من قومي... ثم انصرف... فلما أصبح وجه إليه معاوية بالقوم الذين أعدهم له، فشهدوا عنده أن عليا قتل عثمان، قال: فعندها أقبل شرحبيل حتى دخل على معاوية فقال: يا هذا لقد شهد عندي العدول... قال: فجعل ابن أخت لشرحبيل يقول أبياتا مطلعها:
رمى شرحبيل بالدواهي وقد رمى * هنالك بالسهم الذي هو قاتله إلى آخرها، وقد ذكرها أيضا ابن أعثم: ١ / ٥٣٣ هامش رقم ١.
قال: فهم معاوية بقتل قائل هذا الشعر، فهرب حتى صار إلى علي (عليه السلام) وحدثه بالحديث من أوله إلى آخره. قال: وبعث النجاشي شاعر علي إلى شرحبيل بن السمط الكندي أبياتا مطلعها:
أيا شرح ما للدين فارقت أمرنا * ولكن لبغض المالكي جرير إلى آخرها، كما أوردها ابن أعثم في الفتوح: ١ / ٥٣٣ هامش رقم ٢.
وهنالك رسائل ومساجلات أوردها ابن أعثم في الفتوح: ١ / ١٩ وما بعدها بين سعيد بن قيس الهمداني وشرحبيل أعرضنا عنها للاختصار، وكذلك انظر تاريخ الطبري: ٣ / ٥٧١، ووقعة صفين: ٤٤ و 52 و 81 و 182 و 196 و 200 و 201 و 536، والعقد الفريد: 4 / 303، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة: 1 / 99 و 100 و 155.