الأمة (1). وكان ذلك في أول يوم من ذي الحجة سنة ست وثلاثين من الهجرة، فأتوه ودخلوا عليه، فابتدأ (2) بشير بن عمرو الأنصاري فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا معاوية، إن الدنيا عنك زائلة وإنك راجع إلى الآخرة، وإن الله تعالى محاسبك بعملك (3) ومجازيك بما قدمت يداك (4) وإني أنشدك الله تعالى أن لا تفرق جماعة هذه الأمة وأن لا تسفك دماءها فيما بينها. فقطع معاوية عليه كلامه وقال: هلا أوصيت (5) بذلك صاحبك، فقال: إن صاحبي ليس أحد مثله وهو صاحب السابقة في الإسلام والفضل والدين والقرابة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) (6).
قال: فما الذي عندك يا ابن عمرو؟ وما الذي تأمرني به؟ قال: الذي عندي وما آمرك به تقوى الله وإجابة ابن عمك إلى ما يدعوك إليه من الحق فإنه أسلم لك في دنياك وخير لك في عاقبة أمرك، قال معاوية: ونطل (7) دم عثمان والله لا أفعل ذلك أبدا.
ثم تكلم سعد بن قيس وشبث بن ربعي، فلم يلتفت معاوية إلى كلامهم وقال:
انصرفوا من عندي فإنه ليس بيني وبينكم إلا السيف (8)، فقال له شبث بن ربعي:
أفعلينا تهول (9) بالسيف؟ وأقسم ليعجلن بها إليك (10).
فأتوا عليا (عليه السلام) فأخبروه بالذي كان (11)، فجعل علي (عليه السلام) بعد إتيانهم بكلام معاوية