الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ٤٣٩
ولما انقضت وقعة الجمل اتفق حرب صفين (1) المشتمل على وقايع يضطرب لها فؤاد الجليد، ويشيب لها فؤاد الوليد، ويجبن منها قلب البطل الصنديد، وذلك أن عليا (عليه السلام) لما عاد من البصرة بعد فراغه من الجمل قصد الكوفة وأرسل إلى جرير بن عبد الله البجلي (2) وكان عاملا على همدان (3) استعمله عليها
(١) صفين: ما بين أعالي العراق وبلاد الشام، تلك البلدة التي خلدها التاريخ، وتلك الحرب التي استنفدت من الدم المهراق مائة يوم وعشرة أيام، بلغت فيها الوقائع تسعين وقعة. كانت حربا ضروسا أو شكت أن تفني المسلمين وتذهب بمجدهم وتمحو آثارهم، فما كاد المسلمون ينزلون عن خيلهم بعد وقعة الجمل سنة ٣٦ ه، حتى اعتلوها مرة أخرى في حرب صفين، لخمس مضين من شوال يوم الأربعاء من تلك السنة، وكان الباعث عليها كالباعث على حرب الجمل وهو حب الدنيا والعداوة للرسول وأهل بيته (عليهم السلام)، ولو كانت هذه الحرب في نصرة الإسلام لجرت على الإسلام خيرا كثيرا بقدر ما جرت عليه من الضرر أو أكثر. (انظر أعيان الشيعة: ١ / ٤٦٥، معجم البلدان (صفين)، وقعة صفين لنصربن مزاحم تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون الطبعة الثانية منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي / المؤسسة العربية الحديثة: ١٣١، والفهرستلابن النديم: ١٣٧ و ١٤٤. وانظر ابن خلكان:
١ / ٥٠٦، الطبري في تاريخه: ٥ / ٢٣٥، و: ٦ / ٢ - ٤٠، المعارف: ٣٦، الاشتقاق: ١٥٢، وشرح النهج لابن أبي الحديد: ١ / ٢٨٧، وغيرهم كثير.
(٢) جرير بن عبد الله بن جابر، يكنى أبا عمرو من قبيلة " بجيلة " قدم إلى النبي (صلى الله عليه وآله) سنة عشر في رمضان وبايعه وأسلم. وكان عمر بن الخطاب يقول: جرير يوسف هذه الأمة، لحسنه، واشترك في الفتوح زمن عمر، توفي بالشراة بقرقيسيا سنة احدى وخمسين، أو أربع وخمسين، في ولاية الضحاك بن قيس على الكوفة. (انظر الإصابة: ١ / ٢٣٣، أسد الغابة: ١ / ٢٧٩ - ٢٨٠، المعارف لابن قتيبة: 292).
(3) وردت أيضا بلفظ (همذان) وهما لغتان، فلغة الإعمال هي الفارسية، وبالإعجام معربة. (انظر معجم استينجاس: 1509).