ولذا ذكره جميع المتأخرين عن الشيخ فحكموا فيه ما يقتضيه الحكم في مسئلتي المسافة واشتراط الاستمرار وطرحوا رواية إسحاق بن عمار وحملوا صحيحة ابن أبي ولاد ورواية المروزي على الرجوع ليومه أو ليلته وان بعد ذلك في الصحيحة فافهم اعلم أن قواطع السفر ثلثة أحدها الوطن وهو على ثلثة أقسام أحدها الوطن الأصلي الذي نشأ فيه ولا اشكال ولا خلاف ظاهرا في كونه قاطعا ما لم يهجر سواء كان له فيه ملك أم لا وسواء استوطنه ستة أشهر أم لا لان أدلة اعتبار الملك واستيطان المدة مختصة بغيره كما لا يخفى فلو فرضنا ان ولدا تولد في بلد ثم سافر به أبوه بعد خمسة أشهر إلى بلد اخر لا بنية الهجرة فعاد إليه بعد البلوغ فالظاهر وجوب التمام عليه نعم لو هجره وليس له ملك فالظاهر انقطاع حكمه لما في حسنة زرارة بابن هاشم ان النبي والخلفاء بعده أقاموا ثلاثة أيام بمنى وقصروا الصلاة نعم لو بقى الملك ففي بقاء الحكم اشكال وذكر في الذكرى ان الصحابة لما دخلوا مكة قصر والخروج املاكهم ونحو ذلك للمحكى عن الغرية والظاهر أن المراد بالصحابة المهاجرين الذين نشأوا بمكة وهذا الكلام يدل على أنه لو بقيت املاكهم لم يقصروا ولعله لفحوى ما سيجئ من الحكم في الوطن الشرعي فان استيطان ستة أشهر في سنة واحدة في منزل إذا كان موجبا للوطنية ما دام الملك فالوطن الأصلي مع بقاء الملك حكمه كذلك بالأولوية القطعية فتأمل الثاني الوطن المتخذ بان يتخذ الرجل الغريب مكانا دار إقامة له على الدوام ولا خلاف ظاهرا في عدم اعتبار الملك لان أدلة اعتبار الملك مختصة بما يتفق عبور المسافر عليه ومروره به بعد الخروج عن دار مقامته نعم وقع الخلاف في اعتبار الاستيطان فيه ستة أشهر وظاهر الشهيد (ره) واكثر من تأخر عنه اعتباره ولعله لتقييد الاطلاقات الواردة في الاتمام فيما يستوطنه من المنازل بصحيحة ابن البزيع المفسرة للاستيطان بإقامة ستة أشهر وسيجئ التأمل في ذلك ولا يتوهم انها تدل على اخذ الملك في الاستيطان لقوله عليه السلام في الجواب عن الاستيطان ان يكون له منزل يقيم فيه ستة أشهر فان الظاهر أن ذكر المنزل في تفسير الاستيطان انما هو لتمهيد ذكر الإقامة والا فقد وصف المنزل أولا بالاستيطان بقوله (ع) الا ان يكون له منزل يستوطنه فحاصل الجواب هو ان استيطان المنزل الإقامة فيه ستة أشهر نعم تدل تلك الصحيحة على اعتبار الملك في الضيعة كالاستيطان لكن موردها غير ما اتخذ دار مقامة على الدوام والتمسك بها على اعتبار إقامة المدة انما هو باعتبار تفسير مطلق الاستيطان بهما فيكون تقييدا لكل استيطان مطلق ورد في الروايات الآخر لكن هذا كله مبنى على دلالة الصحيحة على كفاية إقامة ستة أشهر بسنة واحدة في الاستيطان وسيجئ ثم إنه لا فرق في المتخذ دار مقامة بين ان يكون بلدا واحدا أو بلدانا متعددة على التناوب كما صرح به جماعة منهم الشهيدان في كرى ولك لكن ذلك انما يحصل بالتدريج بان ينوى الإقامة
(٤١٩)