كتاب الصلاة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - الصفحة ٤١٦
ان المعتبر من الاستمرار هو الاستمرار على قصد نوع المسافة لا شخصها الذي عزم عليها سابقا فلو عدل عن مقصد إلى مقصد اخر مشترك مع الأول في بلوغه المسافة من محل الحركة الواقعة بقصد المقصد الأول بقى على القصر وكذا لو عدل عن المسافة الذهابية أي الملفقة مع الرجوع ليومه بناء على اعتباره في المسافة أو مطلقا بناء على عدم اعتبار الرجوع ليومه وهنا قولان آخران أحدهما محكى عن السيد الكاظمي وهو عدم بقاء التقصير لو عدل عن المسافة الذهابية إلى الملفقة ولو مع الرجوع ليومه ولعله لعدم الدليل على اعتبار التلفيق المذكور الا إذا قصده من أول الأمر بناء على أن الظاهر من قولهم (ع) القصر في بريدين أو بريد ذاهبا وبريد جائيا هو كون كل منهما عنوانا لابد من التلبس بأحدهما مستمرا عليه إلى تمام المسافة فلا يجوز العدول عن الذهابية إلى الملفقة ولازمه أيضا عدم جواز العكس نعم لا بأس بالعدول من فرد أحد النوعين إلى الفرد الآخر منه وربما يستشهد على ذلك باطلاق كلمات العلماء في مسألة منتظر الرفقة حيث حكموا بوجوب الاتمام عليه إذا لم يبلغ المسافة فيشمل ما إذا قصد الرجوع ليومه ويضعفه ان المستفاد من الروايات كون النوعين فرد القدر مشترك بينهما فيكفى الاستمرار على التلبس بذلك القدر المشترك فليس حال العدول عن الذهابية إلى الملفقة الا كالعدول من فرد من الذهابية إلى فردها الآخر والذي يدلك على هذا التأمل في اخبار التلفيق فان قوله (ع) في صحيحة جميل كان رسول الله صلعم إذا اتى ذبابا قصر وانما فعل ذلك لأنه إذا يرجع كان سفره ثمانية يدل على أن الرجوع مطلقا أو ليومه بناء على القول المشهور متمم للثمانية فهو بمنزلة البريد الثاني البريدي الذهاب فالعدول عن البريد الذهابي إليه كالعدول عن فرد من الذهابي إلى اخر منه ونحوه التعليل المذكور في صحيحة ابن أبي ولاد المتقدمة فإنه قد علل فيها وجوب القصر في الرجوع بعد ذهاب يريد بقوله عليه السلام لأنك كنت مسافرا إلى أن تصير إلى منزلك فان حاصله تعليل القصر في الرجوع باستمرار سفره إلى ورود المنزل مع أن المفروض كون السائل في أول الأمر قاصدا للثمانية الذهابية فمورد الرواية العدول من الذهابية إلى الملفقة ويستفاد من التعليل جواز العكس أيضا بناء على ما عرفت من أن المستفاد منه كون الذهابية والملفقة مرجعها إلى سفر واحد إذ بدون ذلك لا يصح الحكم باستمرار السفر في الصورة المفروضة وكذا رواية المروزي الدالة بصدرها على تحديد المسافة بالبريدين ثم حكمه بالقصر عند العدول من الذهابية إلى الملفقة سواء قيدنا الرجوع فيها بالرجوع ليومه على المشهور أم لا ونحوها ما يستفاد من رواية صفوان الواردة فيمن خرج من بغداد يريد ان يلحق رجلا فلم يزل يتبعه حتى بلغ النهر وان فحكم الامام بأنه يتم في رجوعه معللا بأنه خرج من بيته ولم يرد السفر ثمانية فراسخ ثم قال ولو أنه خرج من منزله يريد النهر وان ذاهبا وجائيا كان عليه ان ينوى السفر من الليل فان
(٤١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 ... » »»
الفهرست