كتاب الصلاة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - الصفحة ٤٠٨
خرج الشخص عن محل الإقامة والمفروض ان وطنه على حد المسافة أو أزيد فقد قصد المسافة الشرعية ومجرد قصد إقامة العشرة في أثناء المسافة عند العود في محل الإقامة الأولى لا تؤثر حتى يتحقق فعلا ولا يقدح في ذلك كون مسافة ذهابه إلى المقصد لا تبلغ مسافة بعد كون الإياب مسافة للبناء على ضم الذهاب إلى الإياب إما مطلقا أو مع بلوغ الإياب بنفسه مسافة وفي كلا الوجهين نظر واضح إما في الأول فلان الظاهر من النص والفتوى هو ان الإقامة قاطعة لنفس السفر وليست نظير قصد المعصية في الأثناء في عدم احتياج الرجوع عنها إلى مسافة إما دلالة النص فلقوله (ع) في صحيحة زرارة المروية في اخر الحج من التهذيب من قدم قبل التروية بعشر أتم الصلاة وهو بمنزلة أهل مكة مضافا إلى أن ايجاب المسافة للقصر حتى إذا تخلل فيها الإقامة محل الشك بالنسبة إلى منصرف اخبار القصر فانضمام ما بعد الإقامة إلى ما قبلها لا يستفاد من الاخبار فيبقى استصحاب التمام وعدم حصول موجب القصر سليما ومن هنا يتجه وجه القدح في الوجه الثاني لكن الانصاف ان دعوى انصراف الاخبار إلى غير المقام محل تأمل بل منع لان الإقامة أمر له حكم شرعي لا دخل له في تحقق المسافة من ضم ما بعدها إلى ما قبلها فهل يجد العرف فرقا بين من قصد مسافة يتخلل في أثنائها (إقامة تسعة أيام مع قصدها ابتداء وإقامة ثمانية وعشرين يوما بدون القصد وبين من قصد مسافة يتخلل في أثنائها صح) إقامة مقدار أربع دقائق تسع صلاة على التمام ويحكم بان اطلاق قوله (ع) إذا كان سفره مسيرة يوم قصر يشمل الأول دون الثاني فالعمدة في ذلك هو اتفاقهم على أن ناوي المسافة مع قصد الإقامة في أثنائها يتم وليس هذا الا لكون الإقامة مانعة من ضم ما بعدها إلى ما قبلها مضافا إلى عموم المنزلة المتقدمة ومن هذا تعرف ضعف الوجه الثاني أيضا الثاني ما اختاره بعض متأخري المتأخرين من وجوب الاتمام في صورة قصد العود مع عدم الإقامة في الذهاب والمقصد والاياب ومحل الإقامة زاعما ان الحكم بالقصر في شئ من ذلك ينافى ما اتفقوا عليه من قاطعية الإقامة للسفر وجعل ما قبلها كالمعدوم إذ مقتضى ذلك اعتبار قصد مسافة جديدة في القصر ولم يحصل ولو فرض قصده الخروج بعد العود إلى مسافة فهذا سفر لم يتلبس به بعد وانما يتلبس به بعد العود والخروج عن محل الإقامة وهو ضعيف بالنسبة إلى حكم التمام عند العود نظرا إلى أنه يصدق عليه عند العود انه قاصد لمسافة شرعية لا يتخللها إقامة ومتلبس بها ولذلك لو قصرت مسافة ما بعد المقام ولم يتم الا بضم مسافة العود إليه ضمت إليها جزما بل اجماعا في مسألة الهائم إذا سار سبعة فراسخ ثم قصد فرسخا ثم العود إلى موطنه فان ذهاب الفرسخ وان لم يعد من المسافة على الأقوى كما عرفت الا ان مقدار عوده منضم اجماعا نعم قد يشكل اعتبار مقدار العود واحتسابه فيما إذا كان الخروج عن المقام إلى دون المسافة في صوب المقصد الأصلي كما إذا خرج المقيم من النجف إلى الخان مريدا للعود إلى النجف ثم الذهاب منه إلى كربلاء مع عدم كون النجف على وجه يقتضى الطريق من الخان إلى كربلاء العود إليه أو إلى حدوده بحيث يعد في أثناء المسافة الممتدة
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»
الفهرست