في القصر ما لم يتلبس بالضرب فيه والمفروض ان المسافة المقصودة مبدؤها العرفي من الشروع في العود عن المقصد و ان ما قبل العود لا يحتسب من المسافة لما عرفت في الفرع السابق من أن المقدار المتكرر لا يحتسب عرفا من المسافة كما عرفت من المثال المتقدم في السفر من النجف إلى ذي الكفل فإذا كان ابتداء المسافة من الاخذ في العود فحين الخروج لم يتلبس بعد بالضرب في المسافة فوجب الاتمام وحاصل هذا الدليل يرجع إلى منع ضم الذهاب إلى الإياب حتى لو كان الإياب بنفسه يبلغ المسافة ولذا حكى الاجماع عليه بقول مطلق عن ثاني الشهيدين في رسالته وعن صاحب الغرية ومحصله ان المستفاد من السفر إلى المسافة الموجب للقصر بالنص والاجماع الظاهر المتبادر منه هو الذهابية فقط دون الملفقة وحكم المش: بوجوب القصر فيما لو ذهب أربعا ورجع ليومه إما مبنى على ورود النص على أن شغل اليوم مع الذهاب إلى بريد يوجب القصر ولذا لم يوجب المعظم القصر على من لم يرجع ليومه أو ليلته واما مبنى على ورود التلفيق في خصوص الأربعة ولا يتعدى إلى غيره وما ورد من التعليل بحصول الثمانية بالأربعة مع الرجوع فهو من باب الابداء للحكمة لا من باب التنصيص على العلة حتى يتعدى إلى غيره ولذا لم يتعد أحد سوى (مة) في (ير) إلى التلفيق فيما دون الأربعة وادعوا الاجماع هنا أيضا على عدم ضم الذهاب إلى الإياب كما ذكروا ذلك في ذي المنازل والهائم فإذا استفيد ما ذكرنا فلا شك في أن من أراد الخروج من مقامه إلى مكان ثم العود إليه والذهاب إلى مسافة فلا يقال له انه متلبس بالضرب في المسافة البالغة ثمانية فراسخ أو أزيد الا حين الشروع في العود ولو فرض كون محل العود وطنا له فلا يحكم عليه بالتلبس الا بعد العود وانشاء السفر إلى المسافة وكيف كان فدليل وجوب التمام مع نية العود هو انه ما تلبس حين الخروج الا بمسافة لم تبلغ الحد الشرعي والمسافة الشرعية التي قصدها انما يتلبس بها بعد الاخذ في العود نعم لو فرض انه خرج عن موضع الإقامة ناويا لمقصد يكون على المسافة أو أزيد لكن طريقه على وجه لابد ان يبعد عن المقام مقدارا لا يبلغ المسافة ثم يعاد في حدود المقام أو في نفسه ليذهب إلى مقصده وحينئذ فالأقوى القصر لصدق التلبس بالمسافة حين الخروج نظرا إلى أن المقدار الذي بعد عن المقام ثم عاد إلى حدوده لم يكن مقصودا بنفسه بل هو في الحقيقة وسط الطريق والمسافة لا مبدؤها والحاصل ان المناط في القصر عند الخروج ان يعد مسافته جزء من السفر المقصود بحيث يتم بها المسافة لو قصرت بدونها ليتحقق التلبس بالضرب في المسافة الشرعية من حين الاخذ فيه ولما كان هذا المعنى موجودا في هذا الفرض الأخير حكم بالقصر عنده وهذا المعنى منتف في أصل المسألة ولذا لو فرض ان مسافة العود إلى المقام ومنه إلى أحد القواطع لا تبلغ مسافة الا بضم مسافة الخروج الناقصة
(٤٠٦)