كتاب الصلاة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - الصفحة ٢٩٩
إياها مجتنبا عن التقدم عليه ان الأول متبوع والثاني تابع وان تقارنا في الحركة ولو سلم ان التأخر مأخوذ في مفهومها أو في منصرفها لكن الاجماعات المحكية مختصة بوجوبها بالمعنى المشهور ولا يجوز التمسك بظاهر لفظ التبعية الواردة في عبارات الاجماعات بعد إرادة معظم المجمعين كما قيل منها عدم التقدم كما لا يخفى نعم أول النبويين المتقدمين ظاهر في التأخر من جهة قوله فإذا كبر فكبروا إلى أخر الرواية لا من أجل إفادة الفاء التعقيب كما قيل حتى يقال عليه ان الفاء الجزائية لمجرد الترتب والتأخر بالمعلولية لا التعقيب والتأخر الزماني بل لان الامر بالتكبير والركوع والسجود مترتب على تحقق هذه الأفعال من الامام كما يستفاد من اتيان الشرط بصيغة الماضي في هذا وأمثاله واما مثل قوله وكذا قرئ القران فاستمعوا وقوله صلى الله عليه وآله في تلك الرواية بناء على بعض الروايات بعد قوله فإذا كبر فكبر واو إذا قرئ فانصتوا فهو ليس نقضا على ما ذكرنا كما توهم نظرا إلى أن المراد بالقرائة ليس قرائة المجموع بل مطلق القراءة ولا يخفى ان الاستماع متأخر عنها أيضا وبعد التنزل فالقرينة هنا قائمة على خلاف الظاهر كما في قوله وإذا قرأت القران فاستعذ وإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وقوله أهلكناها فجائها بأسنا هذا كله مضافا إلى ما سيأتي من أن تكبيرة المأموم لابد وأن يكون متأخرا عن الامام عند المشهور فتعين إرادة التأخر من قوله فإذا كبر فكبروا ويتعين حينئذ إرادة ذلك أيضا من الفقرتين الأخيرتين إما لوحدة السياق وقبح إرادة التفكيك من غير قرينة واما لان الحكم بالتأخر في التكبير فرعه صلى الله عليه وآله على وجوب الايتمام فيحكم به في غير التكبير أيضا مما ذكر في الرواية ومما لم يذكر سواء في ذلك الافعال والأقوال الا ما خرج بالدليل فتصير الرواية حينئذ قاعدة في وجوب تأخر أفعال المأموم وأقواله عن الامام كما لا يخفى على من لاحظ مؤدى تفريع التأخير في التكبير على الايتمام اللهم الا ان يقال إن الرواية مسوقة لبيان عدم جواز التقدم فيكون المقصود ان لا يكبر قبل تكبيره ولا يركع قبل ركوعه ولا يسجد قبل سجوده والتعبير عن مثل هذا بهذا انما هو من جهة ان مراعاة عدم التقدم الواجب لا يحصل غالبا الا بالتأخر يدل على ذلك تفريع هذه الأحكام على الايتمام الذي قد عرفت انه يحصل عرفا بمجرد البناء على ربط فعله بفعل غيره بحيث لا يسبقه في الفعل ولا يتعدى عنه وحينئذ فحكم التكبير وانه لا يكتفى فيه بمجرد عدم التقدم كما سيأتي يستفاد من خارج ثم إن الظاهر أن أصل فضيلة الجماعة لا تفوت عن المأموم بعد تأخير أفعاله عن الامام وإن أمكن ان تنقص بل لا استبعاد في أن يفوت عنه بذلك تضاعف الصلاة الذي صرح به في المستفيضة من الأخبار بدعوى اختصاصها ببعض افراد الاقتداء نعم لا يجوز في العقل فوت الفضيلة المترتبة على امتثال الامر الاستحباب
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»
الفهرست