رجوع الرسول إلى الملك ثانيا وإخباره إياه بمقالة يوسف عليه السلام حتى يقول الملك (ائتوني به أستخلصه لنفسي) وهذا محال لا يجوز مثله في القرآن ولا في الشعر. ولو جعلنا ذلك من قول يوسف عليه السلام لم يوجب ذلك إلحاق الفاحشة به، بل هو أدل دليل على براءة ساحته وذلك لأنه قال (ليعلم أني لم أخنه بالغيب) ولا خيانة أعظم من الهم بامرأته والقعود منها مقعد الرجل من امرأته * [الشبهة الرابعة] أنهم سجنوا يوسف عليه السلام، وذلك معصية بالاتفاق وأنه عليه السلام قال (رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه) فيدل ذلك على محبته لتلك المعصية، ومحبتها معصية * * (الجواب) * من وجهين: (الأول) المراد من الأحب الأخف والأسهل فهذا كمن يخير بين شيئين مكروهين جدا، فيقول إن كذا أحب إلى، أي أخف * [الثاني] أن توطين النفس على تحمل مشقة السجن أحب إلى من مواقعتي المعصية. فأما قوله: (وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين) فهو تصريح بأن شيئا من الطاعات لا يتم إلا بمعونة الله تعالى ولطفه * * (الشبهة الخامسة) * كيف يجوز على يوسف مع نبوته أن يعول على غير الله في الخلاص من السجن في قوله للذي كان معه (اذكرني عند ربك) حتى وردت الروايات أنه إنما طال مقامه في الحبس لأنه عول على غير الله؟ * (الجواب) * أن الدنيا دار الأسباب، فالتمسك
(٦٠)