بالأسباب لا ينافي حقيقة التوكل * [الشبهة السادسة] ما الحكمة في طلب أخيه من إخوته، ثم حبسه عن الرجوع إلى أبيه مع علمه بما يلحق أباه من الحزن؟ وهل هذا إلا ضرر بأبيه؟
[الجواب] إنما فعل ذلك بوحي من الله تعالى إليه زيادة في امتحان أبيه. والمراد من قوله (سنراود عنه أباه) ليس الخداع والكذب بل اللطف والاحتيال * [الشبهة السابعة] فما معنى جعل السقاية في رحل أخيه؟
[الجواب] أما جعل السقاية في رحل أخيه فالغرض منه التسبب إلى احتباس أخيه عنده. ويجوز أن يكون ذلك بأمر الله تعالى.
وروي أنه أعلم أخاه بذلك ليجعله طريقا إلى التمسك به. وعلى هذا الوجه لا يكون ذلك سببا لإدخال الغم في قلب أخيه * [فإن قلت] فلا أقل من أن يكون ذلك سببا لتعريض أخيه لتهمة السرقة؟ [قلت] لا نسلم فإن وجود السقاية في رحل أخيه يحتمل وجوها كثيرة، فمن صرفه إلى السرقة كان هو المقصر. وأما نداء المنادي - أنهم سارقون - ففيه ثلاثة أوجه:
[الأول] أنه ما كان بأمره عليه السلام، بل نادى بذلك واحد من القوم لما فقدوا الصواع * [الثاني] هب أنه كان بأمره لكنه لم يناد بأنهم سرقوا الصواع بل نادى بأنهم سارقون، فلعل المراد أنهم سرقوا يوسف من أبيه *