ذلك منه، فأما قوله تعالى (إني أعظك أن تكون من الجاهلين) فمعناه أن لا تكون منهم. ولا شك أن وعظه تعالى الذي صرف نوحا عليه السلام عن الجهل. وأما قول نوح عليه السلام (إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم) فلا دلالة فيه على أنه فعل ذلك سلمنا أنه دعا له مطلقا، ولكن لشفقته الطبيعية قال ما قال، والعقل لا ينكر الدعاء للكافر، وإنما يمنع منه الشرع، فلعله دعاء بمقتضى الطبع إلى أن ورد الشرع بالنهي عنه * لا يقال: فلم سأل من غير إذن؟ لأنا نقول: لما لم يجد نصا مانعا منه تمسك في الجواز بالإباحة الأصلية، أو نقول: إنما كان مسلما في الظاهر، وكان نوح عليه السلام مأذونا في الدعاء للمسلمين فدعا له بحكم الظاهر وذلك جائز لقوله عليه السلام " نحن نحكم بالظاهر " (1) أو نقول:
(٢٧)