إليك وكان لواء رسول الله ابيض مع مصعب بن عمير ورايته مع علي، وأمدهم الله بخمسه آلاف من الملائكة، وكثر الله المسلمين في أعين الكفار، وقلل المشركين في أعين المؤمنين كيلا يفشلوا، فاخذ كفا من تراب فرماه إليهم، وقال: شاهت الوجوه فلم يبق منهم أحد الا اشتغل بفرك عينيه وقتل الله من المشركين سبعين رجلا واسر سبعون، منهم: العباس، و عقيل، ونوفل بن الحارث - فأسلموا وكانوا مكرهين - وعقبه بن أبي معيط والنضر بن الحارث قتلهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالصفراء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للعباس: افد نفسك وابني أخويك عقيلا ونوفلا، فقال: ان القوم استكرهوني وإني كنت مسلما، فقال صلى الله عليه وآله وسلم الله اعلم بإسلامك ان يكن حقا، فان الله يجزيك به واما ظاهر امرك فقد كان علينا، قال: ليس لي مال، قال صلى الله عليه وآله: فأين المال الذي وضعته عند أم الفضل بمكة وليس معكما أحد؟ فقلت لها: ان أصبت في سفري هذا فهذا المال لبني الفضل وعبد الله وقثم، فقال: والله يا رسول الله إني لاعلم انك لرسول الله ان هذا شئ ما علمه غيري وغير أم الفضل، فاحسب لي يا رسول الله ما أصبتم منى من مال كان معي عشرون أوقية، فقال رسول الله: لا، ذلك شئ أعطانا الله منك ففدى نفسه بمائه أوقية، وذلك قوله تعالى: " يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الاسرى " (1) الآية وعامه من قتل من الكفار، قتلهم علي بن أبي طالب عليه السلام واستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلا (2).
448 - ثم كانت غزاه أحد على رأس سنه، ورئيس المشركين يومئذ أبو سفيان بن حرب، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبعمائة والمشركون الفين، وخرج رسول الله بعد أن استشار أصحابه، وكان رأيه ان يقاتل الرجال على أفواه السكك، ويرمى الضعفاء من فوق البيوت، فأبوا الا الخروج إليهم، فلما صار على الطريق، قالوا: نرجع، فقال: ما كان لنبي إذا قصد قوما ان يرجع عنهم، وكانوا الف رجل، فلما كانوا في بعض الطريق انخذل عنهم عبد الله بن أبي بثلث الناس، وقال: والله ما ندري على ما نقتل أنفسنا والقوم قومه، فهمت بنو حارثة وبنو سلمه بالرجوع فعصمهم الله، وهو قوله تعالى جل ذكره: " إذ همت طائفتان