ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونادى عليا عليه السلام فقال: اتبعهم فانظر أين يريدون؟ فان كانوا ركبوا الخيل وساقوا الإبل، فإنهم يريدون المدينة وان كانوا ركبوا الإبل وساقوا الخيل، فهم متوجهون إلى مكة، وقال: رأيت خيلهم تضرب بأذنابها مجنوبة مدبره، فطابت أنفس المسلمين بذهاب العدو.
وقال: أبان بن عثمان فلما كان من الغد من يوم أحد نادى رسول الله صلى الله عليه وآله في المسلمين، فأجابوه فخرجوا على ما أصابهم من الفزع، وقدم عليا عليه السلام بين يديه براية المهاجرين حتى انتهى إلى حمراء الأسد، وكان أبو سفيان أقام بالروحاء وهم بالرجعة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و قال: قد قتلنا صناديد القوم، فلو رجعنا استأصلناهم، فلقي معبد الخزاعي، فقال: ما وراءك قال: والله قد تركت محمدا وأصحابه وهم يحرقون عليكم، وهذا علي بن أبي طالب عليه السلام قد اقبل على مقدمته في الناس فثنى (1) ذلك أبا سفيان ومن معه، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة (2).
449 - ثم كانت غزاه (3) بنى النضير، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشى إلى كعب بن الأشرف يستقرضه، فقال: مرحبا بك يا أبا القاسم، فجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، فقام كعب كأنه يصنع لهم طعاما وحدث نفسه ان يقتل رسول الله فنزل جبرئيل فأخبر (4) بما هم به القوم من الغدر، فقام صلى الله عليه وآله وسلم كأنه يقضى حاجته وعرف أصحابه وهو حي (5)، فاخذ الطريق نحو المدينة، فاستقبله بعض أصحاب كعب الذين ارسل إليهم يستعين بهم على رسول الله صلى الله عليه وآله، فأخبر كعبا بذلك فسار المسلمون راجعين.
فقال عبد الله بن صوريا (وكان اعلم اليهود): والله ان ربه اطلعه على ما أردتموه من