الغدر، ولا يأتيكم أول ما يأتيكم والله الا رسول محمد (1) يأمركم عنه بالجلاء، فأطيعوني في خصلتين لا خير في الثالث: ان تسلموا فتأمنوا على دياركم وأموالكم والا انه يأتيكم من يقول لكم: اخرجوا من دياركم، فقالوا: هذه أحب إلينا قال: اما ان الأولى خير لكم، و لولا أن أفضحكم لأسلمت، ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محمد بن مسلمة إليهم يأمرهم بالرحيل، وأمره ان يؤجلهم في الجلاء ثلاث ليال (2).
450 - ثم كانت غزوه الخندق وهي الأحزاب، في شوال سنه أربع (3) من الهجرة، اقبل حيى بن اخطب، وكنانة بن الربيع، وسلامه (4) بن أبي الحقيق، وجماعه من اليهود يقدمون مكة، فصاروا إلى أبي سفيان وقريش، فدعوهم إلى حرب رسول الله، وقالوا: أيدينا مع أيديكم ونحن معكم حتى نستأصله، ثم خرجوا إلى غطفان يدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وآله، وأخبروهم باتباع قريش إياهم فاجتمعوا معهم، وخرجت قريش.
وسمع بهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخرج إليهم، وبعد ان أشار سلمان الفارسي ان يصنع خندقا، قال: ضربت في ناحية من الخندق، فعطف على رسول الله وهو قريب منى، فلما رأى شده المكان نزل، فاخذ المعول من يدي فضرب ضربه (5)، فلمعت تحت المعول لمعه برق، ثم ضرب ضربه أخرى، فلمعت تحت المعول برقه أخرى، ثم ضرب به الثالثة فلمعت برقه أخرى.
فقلت يا رسول الله: ما هذا؟ فقال: اما الأولى - فان الله فتح بها على اليمن، واما الثانية - فان الله فتح على بها الشام والمغرب، واما الثالثة فان الله فتح على بها المشرق وأقبلت الأحزاب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهال المسلمون أمرهم، فنزلوا ناحية من الخندق، و أقاموا بمكانهم بضعا وعشرين ليله لم يكن بينهم حرب الا الرمي بالنبل والحصا، ثم انتدب فوارس قريش للبراز، منهم: عمرو بن عبد ود، وعكرمة بن أبي جهل، وهبيرة بن أبي