ان تفشلا والله وليهما " (1) وأصبح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متهيئا للقتال، وجعل على رأيه المهاجرين عليا عليه السلام وعلى رأيه الأنصار سعد بن معاذ (2)، وقعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في رأيه الأنصار ثم مر على الرماة وكانوا خمسين رجلا وعليهم عبد الله بن جبير، فوعظهم وذكرهم وقال: اتقوا الله واصبروا وان رأيتمونا يخطفنا الطير، فلا تبرحوا مكانكم حتى ارسل إليكم، أقامهم عبد الله بن جبير على الشعب، وكانت الهزيمة على المشركين، فاشتغل بالغنيمة المقاتلة، فقال الرماة: نخرج للغنيمة قال عبد الله: اما انا فلا أبرح، فخرجوا وخرج كمين المشركين عليهم خالد بن الوليد، فقتل عبد الله ثم اتى الناس من أدبارهم ووضع في المسلمين السلاح فانهزموا وصاح إبليس: قتل محمد ورسول الله يدعوهم في أخراهم: أيها الناس إني رسول الله ان الله قد و عدني النصر فإلى أين الفرار؟.
قال الصادق عليه السلام: انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وآله، فغضب غضبا شديدا، وكان إذا غضب انحدر من وجهه وجبهته مثل اللؤلؤ من العرق، فنظر فإذا على إلى جنبه، فقال: مالك لم تلحق ببني أبيك؟ فقال علي عليه السلام: يا رسول الله أكفر بعد ايمان؟ ان لي بك أسوة فقال: اما فاكفني (3) هؤلاء فحمل على فضرب أول من لقي منهم، فقال جبرئيل عليه السلام: ان هذه لهي المواساة يا محمد، فقال إنه منى وانا منه، قال جبرئيل عليه السلام: وانا منكما.
وثاب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله جماعه من أصحابه، وأصيب من المسلمين رجال (4) منهم حمزه وثلاث آخر من المهاجرين، وقام أبو سفيان ونادى أحي ابن أبي كبشة، فاما ابن أبي طالب فقد رأيناه مكانه، فقال علي عليه السلام: أي والذي بعثه، وانه ليسمع كلامك فقال أبو سفيان لعلى: ان ابن قميئة اخبرني انه قتل محمدا وأنت أصدق، ثم ولى إلى أصحابه وقال:
اتخذوا الليل جملا وانصرفوا.