القوم أشرف لهم واقد (1) بن عبد الله، وكان قد حلق رأسه فقالوا: عمار ليس عليكم منهم باس وائتمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو آخر يوم من رجب فقالوا: لئن قتلتموهم انكم لتقتلوهم في الشهر الحرام، ولئن تركتموهم ليدخلوا هذه الليلة مكة، فاجتمع القوم على قتلهم، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، واستأمن عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وهرب المغيرة بن عبد الله، فأعجزهم فاستاقوا العير، فقدموا بها على رسول اله صلى الله عليه وآله فقال: والله ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام، وأوقف الأسيرين والعير ولم يأخذ منها شيئا، وسقط في أيدي القوم، فظنوا أنهم قد هلكوا وقالت قريش: استحل محمد الشهر الحرام، فأنزل الله تعالى جل ذكره: " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه " (2) الآية فلما نزل ذلك اخذ رسول الله العير وفدا الأسيرين وقال المسلمون أيطمع لنا ان نكون غزاه، فأنزل الله تعالى فيهم: " ان الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمه الله (3) وكانت هذه قبل بدر بشهرين (4).
447 - ثم كانت غزوه بدر الكبرى، وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمع بابي سفيان بن حرب في أربعين راكبا من قريش تجارا قافلين من الشام، فخرج رسول الله في ثلاثمائة راكب ونيف و أصحابه أكثرهم مشاة، معهم ثمانون بعيرا وفرس، وذلك في شهر رمضان، فبلغ أبا سفيان الخبر، فاخذ العير على الساحل، وأرسل إلى أهل مكة يستصرخ بهم، فخرج منهم الف رجل، معهم مائتا فرس ومعهم القيان (5) يضربن الدفوف فلما بلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى بدر وهي بئر وقد علم بفوات العير ومجئ قريش شاور أصحابه في لقائهم أو الرجوع، فقالوا: الامر