فيتوهمون انه رسول الله.
فخرج رسول الله وهو يقرا: يس إلى قوله: " فأغشيناهم فهم لا يبصرون " (1) واخذ ترابا بكفه ونثره عليهم وهم نيام ومضى، فقال جبرئيل عليه السلام: يا محمد خذ ناحية ثور، وهو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثور، فمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتلقاه أبو بكر في الطريق، فاخذ بيده ومر به، فلما انتهى إلى ثور دخل الغار.
فلما أصبحت قريش وأضاء الصبح، وثبوا في الحجرة وقصدوا الفراش، فوثب علي عليه السلام إليهم وقام في وجوههم، فقال لهم: مالكم؟ قالوا: أين ابن عمك؟ قال علي عليه السلام جعلتموني عليه رقيبا؟ ألستم قلتم له: اخرج عنا؟ فقد خرج عنكم فما تريدون؟ فاقبلوا عليه يضر بونه، فمنعهم أبو لهب وقالوا: أنت كنت تخدعنا منذ الليلة، فلما أصبحوا تفرقوا في الجبال.
وكان فيهم رجل من خزاعة يقال له، أبو كرز يقفو الآثار، فقالوا له: يا أبا كرز اليوم، اليوم (2) فما زالوا يقفون اثر رسول الله حتى وقف على باب الغار، فقال: هذه قدم محمد هي و الله أخت القدم التي في المقام، فلم يزل بهم حتى وقفهم على باب الغار، وقال: ما جاوزوا هذا المكان: اما ان يكونوا صعدوا إلى السماء، أو دخلوا الأرض، فبعث الله العنكبوت فنسجت على باب الغار وجاء فارس من الملائكة في صوره الانس، فوقف على باب الغار و هو يقول لهم: اطلبوا في هذه الشعاب، فليس هاهنا فاقبلوا يدورون في الشعاب (3).
444 - وبقى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الغار ثلاثة أيام، ثم اذن الله له في الهجرة وقال: اخرج عن مكة يا محمد، فليس لك بها ناصر بعد أبي طالب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واقبل راع لبعض قريش يقال له: ابن أريقط فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال له: ائتمنك على دمى، فقال:
إذا والله أحرسك ولا أدل عليك فأين تريد يا محمد؟ قال: يثرب، قال: لأسلكن بك مسلكا لا يهتدى فيها (4) أحد فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ائت عليا وبشره بان الله تعالى قد