الباب التاسع عشر في الدلائل على نبوة محمد صلى الله عليه وآله من المعجزات وغيرها 374 - وبالاسناد الصحيح عن المخزوم بن هلال المخزومي (1)، عن أبيه - وقد اتى عليه مائه وخمسون سنه - قال: لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ارتجس ايوان كسرى، فسقطت منه أربعة عشر شرفه، وخمدت نيران فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة ساوة، ورأى المؤبذان في النوم إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجله فانتشرت في بلادها.
فلما أصبح كسرى راعه (2) ذلك وأفزعه، وتصبر عليه تشجعا، ثم رأى أن لا يدخر ذلك عن أوليائه ووزراءه ومرازبه، فجمعهم وأخبرهم بما هاله، فبينما هم كذلك إذا اتاهم بخمود نار فارس فقال المؤبذان: وانا رأيت رؤيا، وقص رؤياه في الإبل، فقال أي شئ يكون هذا يا مؤبذان؟ قال: حدث يكون من ناحية العرب.
فكتب عند ذلك كسرى إلى النعمان بن المنذر ملك العرب: اما بعد فوجه إلى برجل عالم بما أريد ان أسأله عنه فوجه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن نفيلة الغساني (3)، فلما قدم عليه اخبره ما رأى، فقال: علم ذلك عند خال (4) لي يسكن مشارق الشام يقال له: سطيح،