الترسة، واقبل جند الله الأعظم، فقام أبو سفيان إلى راحلته، ثم صاح في قريش: النجا النجا، ثم فعل عيينة بن حصين رأس بنى فزاره مثل ذلك، وفعل الحارث بن عوف سيد بنى مره مثلها وذهب الأحزاب.
ورجع حذيفة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخبره الخبر، فأنزل الله تعالى جلت عظمته على رسوله: " اذكروا نعمه الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها " (1) وأصبح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمسلمين حتى دخل المدينة فقربت له ابنته فاطمة عليه السلام غسولا فهي تغسل رأسه، إذ اتاه جبرئيل على بغله معتجرا بعمامة بيضاء عليه قطيفه من استبرق معلق عليها الدر والياقوت عليه الغبار، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمسح الغبار من وجهه، فقال له جبرئيل: رحمك ربك وضعت السلاح ولم تضعه أهل السماء، وما زلت اتبعهم حتى بلغت الروحاء.
ثم قال جبرئيل: انهض إلى إخوانهم من أهل الكتاب، فوالله لأدقنهم دق البيضة على الصخرة، فحاصرهم رسول الله خمسا وعشرين ليله، حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ، فحكم فيهم بقتل الرجال وسبي الذراري والنساء وقسمه الأموال، وان يجعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار، فقال النبي صلى الله عليه وآله: لقد حكمت فيهم بحكم الله، فلما جئ بالأسارى حبسوا في دارهم (2) وامر بعشره فاخرجوا، فضرب علي عليه السلام أعناقهم، ثم انفجرت رمية سعد والدم ينفجر حتى قضى (3).
451 - ثم كانت غزوه الحديبية في ذي القعدة خرج في أناس كثير من أصحابه يريد العمرة وساق معه سبعين بدنه، وبلغ ذلك المشركين، فبعثوا خيلا ليصدوه عن المسجد الحرام، وكان صلى الله عليه وآله وسلم يرى أنهم لا يقاتلونه (4)، لأنه خرج في الشهر الحرام واتى: بديل بن ورقا إلى قريش، وقال: خفضوا عليكم، فإنه لم يأت يريد قتالكم، وانما يريد زيارة هذا