قصص الأنبياء - الراوندي - الصفحة ٣٢٧
أخيه، فدنا منهم وسلم عليهم، فقاموا إليه وعظموه، وقالوا: قد علمنا يا أبا طالب انك أردت مواصلتنا والرجوع إلى جماعتنا، وان تسلم ابن أخيك إلينا.
قال: والله ما جئت لهذا، ولكن ابن أخي أخبرني ولم يكذبني ان الله تعالى اخبره انه بعث على صحيفتكم القاطعة دابة الأرض، فلحست جميع ما فيها من قطيعه رحم وظلم و جور وتركت اسم الله، فابعثوا إلى صحيفتكم، فان كان حقا فاتقوا الله وارجعوا عما أنتم عليه من الظلم والجور وقطيعة الرحم، وان كان باطلا دفعته إليكم، فان شئتم قتلتموه، و ان شئتم أسجنتموه.
فبعثوا إلى الصحيفة وأنزلوها من الكعبة، فإذا ليس فيها الا باسمك اللهم، فقال لهم أبو طالب: يا قوم اتقوا الله وكفوا عما أنتم عليه، فتفرق القوم ولم يتكلم أحد، ورجع أبو طالب إلى الشعب (1).
439 - وقال عند ذلك نفر من بنى عبد مناف وبنى قصي ورجال من قريش ولدتهم نساء بنى هاشم منهم: مطعم بن عدي، وعامر بن لؤي - وكان شيخا كبيرا كثير المال له أولاد وأبو البختري بن هاشم، وزهير بن أمية المخزومي في رجال من أشرافهم: نحن برآء مما في هذه الصحيفة، فقال أبو جهل هذا امر قضى بليل، وخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورهطه من الشعب وخالطوا الناس ومات أبو طالب بعد ذلك بشهرين، وماتت خديجة رضي الله عنها بعد ذلك، وورد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمران عظيمان وجزع جزعا شديدا، ودخل على أبي طالب وهو يجود بنفسه، فقال يا عم: ربيت صغيرا، ونصرت كبيرا، وكفلت يتيما، فجزاك الله عنى خير الجزاء اعطني كلمه اشفع لك بها عند ربي (2).

١ - بحار الأنوار ١٩ / ١ - ٤ برقم: ١.
٢ - لا دلالة في هذا القول على عدم إيمان أبي طالب، بوجه كي يؤول بكتمانه إيمانه اتقاء من القوم كما أول في هامش البحار ١٩ / ٥ كيف؟ وهم يتقونه وما دام حيا لم ينل قريش من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا. ولما سمعوا منه قصيدته اللامية في شأن نبوته وبرسالته يقول فيه:
ألم تعلموا أن ابننا لا مكذب لدينا ولا يعنى بقول الا باطل وجدت بنفسي دونه وحميته ودارأت عنه بالذري والكواهل * فأيده رب العباد بنصره وأظهر دينا حقه غير باطل آيسوا منه وتفرقوا عنه لما رأوا أن تصرفاته وحركاته الدفاعية دليل على تصلبه وايمانه الجدي بما جاء به ابن أخيه من شريعة الاسلام. والكلمة المرادة منه عند ارتحاله إنما كانت كلمة الشهادتين تلقينا وتجديدا لخاطرة التوحيد والرسالة من باب السنة والطريقة فان إيمان أبي طالب بالاسلام أظهر من الضوء على الكون والعالم.
* - أي دافعت عنه بالرأس والرقبة
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المؤلف مقدمة التحقيق الباب الأول: في ذكر خلق آدم عليه السلام و حوا عليها السلام 38
2 الباب الثاني: في نبوة إدريس و نوح عليهما السلام 77
3 الباب الثالث: في ذكر هود و صالح عليهما السلام 92
4 في حديث إرم ذات العماد 97
5 الباب الرابع: في نبوة إبراهيم عليه السلام 107
6 الباب الخامس: في ذكر لوط و ذي القرنين عليهما السلام 120
7 الباب السادس: في نبوة يعقوب و يوسف عليهما السلام 129
8 الباب السابع: في ذكر أيوب و شعيب عليهما السلام 142
9 الباب الثامن: في نبوة موسى بن عمران صلوات الله عليه 151
10 في حديث موسى و العالم 159
11 في حدث البقرة 162
12 في مناجاة موسى 163
13 في حديث حزبيل لما طلبه فرعون 169
14 في تسع آيات موسى 170
15 في حديث بعلم بن باعورا 176
16 في وفاة هارون وموسى 178
17 في خروج صفراء على يوشع بن نون 179
18 الباب التاسع: في بني إسرائيل. 180
19 الباب العاشر: في نبوة إسماعيل و حديث لقمان 191
20 الباب الحادي عشر: في نبوة داود عليه السلام 201
21 الباب الثاني عشر: في نبوة سليمان عليه السلام و ملكه 211
22 الباب الثالث عشر: في أحوال ذي الكفل و عمران عليهما السلام 214
23 الباب الرابع عشر: في حديث زكريا و يحيى عليهما السلام 218
24 الباب الخامس عشر: في نبوة إرميا و دانيال عليهما السلام 223
25 في علامات خسوف الشمس في الاثني عشر شهرا 235
26 في علامات خسوف القمر طول السنة 236
27 الباب السادس عشر: في حديث جرجيس و عزيز و حزقيل و إليا: 238
28 الباب السابع عشر: في ذكر شيعا و أصحاب الأخدود و الياس و اليسع و يونس و أصحاب الكهف و الرقيم عليهم السلام 244
29 الباب الثامن عشر: في نبوة عيسى و ما كان في زمانه و مولده و نبوته 263
30 الباب التاسع عشر: في الدلائل على نبوة محمد صلى الله عليه و آله من المعجزات و غيرها 280
31 الباب العشرون: في أحوال محمد صلى الله عليه و آله 314
32 في مغازيه 336