اذن لي في الهجرة، فهيئ لي زادا وراحلة وقال أبو بكر: اعلم عامر بن فهيرة أمرنا وقل له:
ائتنا بالزاد والراحله (1) وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الغار، فلم يرجعوا إلى الطريق الا بقد يد، وقد كانت الأنصار بلغهم خروج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليهم، وكانوا يتوقعون قدومه إلى أن وافى مسجد قبا.
ونزل على كلثوم بن الهدم شيخ صالح مكفوف، واجتمعت إليه بطون الأوس، ولم تجسر الخزرج ان يأتوا رسول الله لما كان بينهم وبين الأوس من العداوة، فلما امسى اتاه أسعد بن زرارة، مقنعا، فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفرح بقدومه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله الأوس: من يجيره؟ فأجاره عويمر بن ساعده وسعد بن خيثمة.
فبقى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خمسه عشر يوما فقال أبو بكر: ندخل المدينة فالقوم متشوقون إلى نزولك، فقال: لأديم في هذا المكان حتى يوافيني أخي علي بن أبي طالب عليه السلام وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد بعث إليه ان احمل العيال وأقدم فقال أبو بكر: ما أحسب عليا يوافي، قال: بلى ما أسرعه.
فلما قدم على ركب رسول الله صلى الله عليه وآله راحلته، واجتمعت إليه (2) بنو عمرو وابن عوف، فقالوا: يا رسول الله أقم عندنا، قال: خلوا عنها فإنها مأمورة وبلغ الأوس والخزرج خروج رسول الله صلى الله عليه وآله، فلبسوا السلاح وأقبلوا يعدون حول ناقته، واخذ كل حي بزمام ناقته، ويقول: خلوا سبيلها فإنها مأمورة، فبركت الناقة على باب أبي أيوب، فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وجاءته اليهود، فقالوا! يا محمد إلى ما تدعو (3) قال: إلى شهادة ان لا إله إلا الله وإني رسول الله، وانا الذي تجدونني مكتوبا في التوراة، والذي أخبركم به علماؤكم، فحرمي بمكة ومهاجري في هذه البحيرة (4)، فقالوا: قد سمعنا ما تقول وقد جئناك لنطلب منك الهدنة