دهاة العرب، وبعث سبحانه العنكبوت فنسجت في وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسترته، وآيسهم ذلك من الطلب فيه.
وفي ذلك يقول السيد الحميري في قصيدته المعروفة بالمذهبة:
حتى إذا قصدوا لباب مغارة * ألفوا عليه نسيج غزل العنكب صنع الاله له فقال فريقهم * ما في المغار لطالب من مطلب ميلوا وصدهم المليك ومن يرد * عنه الدفاع مليكه لا يعطب وبعث الله حمامتين وحشيتين فوقعتا بفم الغار، فأقبل فتيان قريش من كل بطن رجل بعصيهم وهراواهم وسيوفهم، حتى إذا كانوا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقدر أربعين ذراعا، تعجل رجل منهم لينظر من في الغار، فرجع إلى أصحابه فقالوا له: ما لك لا تنظر في الغار؟ فقال: رأيت حمامتين بفم الغار فعلمت أن ليس فيه أحد، وسمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما قال، فدعا لهن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفرض جزاءهن فانحدرن في الحرم (1).
ومنها: كلام الذئب، وذلك أن رجلا كان في غنمه يرعاها، فأغفلها سويعة من نهاره، فعرض ذئب فأخذ منها شاة، فأقبل يعدو خلفه فطرح الذئب الشاة ثم كلمه بكلام فصيح فقال: تمنعني رزقا ساقه الله إلي، فقال الرجل:
يا عجبا الذئب يتكلم! فقال: أنتم أعجب وفي شأنكم للمعتبرين عبرة، هذا محمد يدعو إلى الحق ببطن مكة وأنتم عنه لأهون، فأبصر الرجل رشده وأقبل حتى أسلم وأبقى لعقبه شرفا لا تخلقه الأيام يفخرون به على العرب والعجم