قال: وغضب قوم من الأنصار لذلك وظهر منهم كلام قبيح حتى قال قائلهم: لقي الرجل أهله وبني عمه ونحن أصحاب كل كريهة، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما دخل على الأنصار من ذلك أمرهم أن يقعدوا ولا يقعد معهم غيرهم، ثم أتاهم شبه المغضب يتبعه علي عليه السلام، حتى جلس وسطهم، فقال: (ألم آتكم وأنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم الله منها بي؟).
قالوا: بلى، ولله ولرسوله المن والطول والفضل علينا.
قال (ألم آتكم وأنتم أعداء فألف الله بين قلوبكم بي؟).
قالوا: أجل.
ثم قال: (ألم آتكم وأنتم قليل فكثركم الله بي) وقال ما شاء الله أن يقول ثم سكت، ثم قال: (ألا تجيبوني؟).
قالوا بم نجيبك يا رسول الله، فداك أبونا وامنا، لك المن والفضل والطول.
قال: (بل لو شئتم قلتم: جئتنا طريدا مكذبا فآويناك وصدقناك، وجئتنا خائفا فآمناك).
فارتفعت أصواتهم، وقام إليه شيوخهم فقبلوا يديه ورجليه وركبتيه، ثم قالوا: رضينا عن الله وعن رسوله، وهذه أموالنا أيضا بين يديك فأقسمها بين قومك إن شئت.
فقال: (يا معشر الأنصار، أوجدتم في أنفسكم إذ قسمت مالا أتألف به قوما ووكلتكم إلى إيمانكم، أما ترضون أن يرجع غيركم بالشاء والنعم ورجعتم أنتم ورسول الله في سهمكم؟).