ثم أجمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المسير إلى مكة، وقال: (اللهم خذ العيون عن قريش حتى نأتيها في بلادها).
فكتب حاطب في أبي بلتعة مع سارة مولاة أبي لهب إلى قريش: أن رسول الله خارج إليكم يوم كذا وكذا. فخرجت وتركت الطريق ثم أخذت ذات اليسار في الحرة، فنزل جبرئيل فأخبره، فدعا عليا عليه السلام والزبير فقال لهما: (أدركاها وخذا منها الكتاب).
فخرج علي عليه السلام والزبير لا يلقيان أحدا حتى وردا ذا الحليفة، وكان النبي عليه السلام وضع حرسا على المدينة، وكان على الحرس حارثة ابن النعمان، فأتيا الحرس فسألاهم فقالوا: ما مر بنا أحد، ثم استقبلا حاطبا فسألاه، فقال: رأيت امرأة سوداء انحدرت من الحرة. فأدركاها فأخذ علي عليه السلام منها الكتاب وردها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال: فدعا (صلى الله عليه وآله وسلم) حاطبا فقال له: (انظر ما صنعت).
قال: أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله ما شككت، ولكني رجل ليس لي بمكة عشيرة، ولي بها أهل فأردت أن أتخذ عندهم يدا ليحفظوني فيهم.
فقال عمر بن الخطاب: دعني يا رسول الله أضرب عنقه، فوالله لقد نافق.
فقال عليه السلام: (إنه من أهل بدر، ولعن الله اطلع عليهم فغفر لهم، أخرجوه من المسجد).
فجعل الناس. يدفعون في ظهره وهو يلتفت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليرق عليه، فأمر برده وقال عليه السلام: (قد عفوت عن جرمك فاستغفر ربك ولا تعد لمثل هذه ما حييت) فأنزل الله سبحانه (يا أيها الذين