ورب الكعبة.
ثم دعا بني عامر إلى قتالهم فأبوا أن يجيبوه وقالوا: لا نخفر (1) أبا براء، فاستصرخ قبائل من بني سليم: عصية ورعلا وذكوان، وهم الذين قنت عليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولعنهم، فأجابوه وأحاطوا بالقوم في رحالهم، فلما رأوهم أخذوا أسيافهم وقاتلوا القوم حتى قتلوا عن آخرهم.
وكان في سرح القوم (2) عمرو بن أمية الضمري ورجل من الأنصار، فلم يكن ينبئهما بمصاب القوم إلا الطير تحوم على العسكر، فقالا: والله إن لهذا الطير لشأنا، فأقبلا لينظرا فإذا القوم في دمائهم، فقال الأنصاري لعمرو: ما ترى؟ قال: أرى أن نلحق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنخبره الخبر، فقال الأنصاري: لكني لم أكن لأرغب بنفسي عن موطن قل فيه المنذر بن عمرو، فقاتل القوم حتى قتل، ورجع عمرو إلى المدينة فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (هذا عمل أبي براء، قد كنت لهذا كارها).
فبلغ ذلك أبا براء، فشق عليه إخفار عامر إياه وما أصاب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ونزل به الموت. فحمل ربيعة بن أبي براء على عامر بن الطفيل وطعنه وهو في نادي قومه فأخطأ مقاتله وأصاب فخذه، فقال عامر: هذا عمل عمي أبي براء، إن مت فدمي لعمي لا تطلبوه به، وإن اعش فسأرى فيه رأيي (3).