قال وكان الحليس بن علقمة نظر إلى أبي سفيان وهو على فرس وبيده رمح يجأ به في شدق حمزة فقال: يا معشر بني كنانة انظروا إلى من يزعم أنه سيد قريش ما يصنع بابن عمه الذي قد صار لحما - وأبو سفيان يقول:
ذق عقق - فقال أبو سفيان: صدقت إنما كانت مني زلة اكتمها على.
قال: وقام أبو سفيان فنادى بعض المسلمين: أحي ابن أبي كبشة؟
فأما ابن أبي طالب فقد رأيناه مكانه. فقال علي عليه السلام: (إي والذي بعثه بالحق إنه ليسمع كلامك).
قال: إنه قد كانت في قتلاكم مثلة، والله ما أمرت ولا نهيت، إن ميعاد ما بيننا وبينكم موسم بدر في قابل هذا الشهر.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (قل: نعم).
فقال: (نعم).
فقال أبو سفيان لعلي عليه السلام: إن ابن قميئة أخبرني أنه قتل محمدا وأنت أصدق عندي وأبر. ثم ولى إلى أصحابه وقال: اتخذوا الليل جملا وانصرفوا.
ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا عليه السلام فقال:
(اتبعهم فانظر أين يريدون، فإن كانوا ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنهم يريدون المدينة، وإن كانوا ركبوا الإبل وساقوا الخيل فهم متوجهون إلى مكة) (1).
وقيل: إنه بعث لذلك سعد بن أبي وقاص فرجع وقال: فرأيت خيلهم تضرب بأذنابها مجنوبة مدبرة، ورأيت القوم قد تجملوا سائرين. فطابت أنفس المسلمين بذهاب العدو، فانتشروا يتتبعون قتلاهم، فلم يجدوا قتيلا