فلم يأنف من ذلك ولا تعاظم ولا تكبر فيه وقد زوج رسول الله " ص " ابنته سيدة نساء العالمين فلم يأنف ولم يتكبر ولا وكل في تزويجها أفتقولون أن عليا (ع) رأى العباس أفضل منه وأقدم سابقة في الاسلام فجعل أمر ابنته إليه وهذا ما لا يقر له مسلم وما بال العباس زوج أم كلثوم دون أختها زينب بنت فاطمة عليها السلام من عبد الله بن جعفر بن أبي طالب والعباس حاضر فلم يوكله في تزويجها ولا أنف من ذلك، فلم يبق في الحال إلا ما رواه مشايخنا مما سقنا حكايته، وذلك مشاكل للرواية عن الصادق عليه السلام أنه قال (ذلك فرج غصبنا عليه) فكان من احتجاج جهالهم أن قالوا ما كان دعا عليا (ع) أن يسلم ابنته غصبا على هذا الحال الذي وصفتم، فقيل لهم هذا منكم جهل بوجوه التدبير وذلك أن رسول الله " ص " لما أوصى عليا عليه السلام بما احتاج إليه في وقت وفاته عرفه جميع ما يجري عليه من بعده من أمته واحدا بعد واحد من المستولين فقال علي " ع " فما تأمرني أن اصنع قال تصبر وتحتسب إلى أن ترجع الناس إليك طوعا فحينئذ قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ولا تنابذن أحدا أبدا من الثلاثة فتلقي بيدك إلى التهلكة ويرتد الناس في النفاق إلى الشقاق، فكان (ع) حافظا لوصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إبقاء في ذلك على المسلمين المستضعفين وحفظا للدين لئلا ترجع الناس إلى الجاهلية الجهلاء وتثور القبائل تريد الفتنة في طلب ثارات الجاهلية ودخولها، فلما جرى من عمر في حال خطبته لأم كلثوم ما تقدم به الحكاية فكر علي (ع) فقال إن منعته رام قتلي - على ما وصفناه - وإن رام قتلي فمنعته عن نفسي خرجت بذلك عن طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخالفت وصيته ودخل في الدين ما كان حاذره رسول الله صلى الله عليه وآله من ارتداد الناس الذي لأجله أوصاني بالصبر والاحتساب، وكان تسليم ابنته أم كلثوم في ذلك أصلح من قتله أو الخروج من وصية رسول الله (ص) ففوض أمرها إلى الله وعلم أن
(٨١)